للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإِسْلاَم، وَخَالَطَتْ أَهْلَهُ لَمْ تُعْذَر، وإنْ كانتْ حديثةَ العَهْد، أو لم تخالط أهلَهُ، فقولان، وإذا عَرَفْتَ جميع ما ذكرنا، أَعْلَمْتَ قوله في "الكتاب قولاً واحد" بالواو، وكذا قوله "لم يسقط خيارها"، وقوله: "لم تعذر".

وقوله "آخراً "على قول" ويجوز أن يُعْلَم الحكْمُ في الأقوال، الثلاثة بالحاء؛ لأن عند أَبِي حَنِيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يجب لها الخيارُ [ما دامت] (١) في المجلس، كالوجه المنقول عن "الشَّامِلِ" وحينئذٍ، فلا يكون على الفَوْر، ولا يتقدَّر بثلاثة أيام، ويسقط من غير إسقاط وتمكين من الوطء.

فَرْعُ: هذا الفسْخُ لا يحتاج إلَى مراجعة الحاكم، والمرافعة إلَيْه؛ لأنه ثابت بالنص والإِجماع، فأشبه الردَّ بالعيب والشُّفْعة (٢).

قَالَ الغَزَالِيُّ: (السَّبَبُ الرَّابعُ: العُنَّةُ) وَمَهْمَا وَقَعَ اليَأْسُ عَنِ الوَطْءِ بجَبِّ أَوْ عُنَّةِ أَوْ مَرَضٍ مُزْمِنٍ ثَبَتَ لَهَا الخِيَارُ، وَفِي إِلْحَاقِ الإِخْصَاءِ بالجَبِّ قَوْلاَنِ، وَالعُنَّةُ الطَّارِئَةُ بَعْدَ الوَطْءِ لاَ تُؤَثِّرُ، ولَوْ عُنَّ عَنِ امْرَأَةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَلَهَا الخِيَارُ، وَلَوْ عُنَّ عَنِ المَأْتَى وَقَدَر عَلَى غَيْر المَأْتَى فَلَهَا الخَيارُ (و).

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قَدْ مَرَّ في فَصْل العيوب أن العُنَّة من أسباب الخيار؛ لأنها تُفوِّت الجماع، وتوجب اليَأْس منْه، والجَبُّ أيضاً يثبت الخيار، إن لم يَبْقَ ما يمكن الجماع به؛ بأن اسْتُؤْصِلَ العُضْو، وكان الباقي دُونَ قَدْر الحَشَفَةِ، فإنْ بقيَ قَدْر الحَشَفة أو أكثر، فلا خِيار بسبب الجب وفي كتاب القاضي ابنِ كَجٍّ أن أبا الطَّيِّب بْنَ سَلَمَةَ خرَّجه على قولين، كَمَا في الخصَاء، والمذهبُ الأولُ، لكن لو عَجَز عن الجِمَاع به، فهُو كالسَّليم، إذ عَجَز، فتضرب له المدة.

وعن الشَّيخِ أبي حَامِدٍ: أنه يثبت الخيارُ في الحالِ؛ لأنَّ العيْبَ متحقِّقٌ، والظَّاهِرُ دوام العَجْز، وفي معناهما المَرَضُ المِزْمنُ الذي لا يتوقَّع زواله، ولا يمكنُ الجماعُ معه ذَكَرَهُ الشَّيخُ أبو مُحَمَّدٍ وغيره، وإذا وجدت المرأة زوجَها خصيّاً مَوْجُؤ الخِصْيَتَيْنِ أو مسلولَهِما، فَهَلْ لَهَا الْخِيَارُ فيه قولان:

أحدهما: نَعَمْ؛ لأن في المقام تحته عاراً عليها؛ ولأنه لا يَلِدُ.


(١) في ز: إذا مت.
(٢) قال النووي: وللزوج وطء العتيقة ما لم تفسخ، وكذا لزوج الصغيرة والمجنونة، العتيقين وطؤهما ما لم تفسخا بعد البلوغ والإِفاقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>