للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاعل: ما رددتُّ إلاَّ واحداً، وأما في حالة الانفصال، فيُحْكَم بوقوع الثلاثِ بإقراره أيضاً وعلَيْها ثلث الألف، ولا معنى للتحالف، وللزوج [أيضاً] (١) أن يُحَلِّفَهَا على نفْي العِلْم بأنه ما طلَّقَها ثلاثاً، وهو الصحيحُ، وليأول النصُّ عليه بحسب الإِمكان.

فَرْعٌ: في "المجرد" للحناطي أنها لو قالت طلقتني ثلاثاً على ألْف، فقال: بل طلقْتُكِ واحدةً بألفين، وأقام كلُّ واحدٍ منْهما بيِّنَة على ما يقولُه، وهما متصادقان على أنَّه لم يُطَلِّقْها إلاَّ مرَّة واحدةً فيتحالفان، ويرجع إلى مهر المثْل.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الخَامِسَةُ): إِذَا ادَّعَى عَلَيْهَا الاخْتِلاَعَ فأَنْكَرَتْ وَقَالَتْ: اخْتَلَعَنِي أَجْنَبِيُّ فَالقَوْلُ قَوْلُهَا فِي نَفْيِ العِوَضِ وَبَانَتْ لِقَوْلِهِ، وَلاَ شَيْءَ لَهُ عَلَى الأَجْنَبِيِّ لاعْتِرَافِهِ، وَلَوْ قَالَتِ: اخْتَلَعْتُ وَلَكِنْ بِوِكَالَةِ أَجْنَبِيّ، فَيَتَحَالَفَانِ لأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ العَقْدِ وَاخْتَلَفَا في صِفَةِ الإِضَافَةِ، وَقِيلَ: القَوْلُ قَوْلُهَا لإِنْكَارِهَا أَصْلَ الالْتِزَامِ.

قال الرَّافِعِيُّ: هذه الصورة لبيان اختلافهما فيمن علَيْه العِوَض، فإذا قال: اختلعْتُ بألْف، وطالَبَها بالمال، فقالت قد ضَمِنَهُ لك غيري، فهذا الكلام لا يَنْفَعُها؛ لأنَّ ضمان الغير لا يقطع المطالَبَةَ عنْها، وكذا لوْ قالت: قَبِلْتُ الخُلْع عَلَى أَنْ يَزِنَ الألْف عنِّي فلان، وهي في الصورتَيْن مقرة بالألْف، ولو قالت قبلْتُ الخلْع بألْف لي في ذمة فلان، فيُبْنَى على أن العَقْد على دين في ذمة الغير، هل يَجُوز؟ إن قلنا: لا يجُوز، فالذي نقله الشيخ أبو حامد وغيره أنَّه يجبُ مهْر المثل، ولا تحالِف؛ لأنَّها تقول: خالَعْتَنِي على عِوَض فاسدٍ، وفي "التتمة" أنا إذا قُلْنَا إنه لا يجوز، فهي تدَّعي فساد التسمية، وهو يدَّعي صحَّتَها فيَجِيْء فيه الخلاف المذكور، في نظائره، وإن قلنا: بالجَوَاز فيتحالفان، وهذا أصحُّ عنْد الشيخ أبي حامدُ وابن الصَّبَّاغ وغيرهما، وهو الذي أورده صاحب "المهذب" -رحمه الله- وعلَّلوا بان هذا اختلافٌ في محَلِّ العَقْد، فيقتضي التحالُف كالخلاف في عيْن العقْد الذي هو عوض الخُلْع.

ولو قال: اختلعْتِ نَفْسكِ بكذا، وأنكرَتْ، فقالت: اختلَعَنِي أجنبيٌّ لنفسه والمالُ عليه، فالقول قولُها في نفي العوض، ولا شيْء للزوج على الأجنبي لاعترافه بأن الخُلْع لم يجْرِ معه، وتحصل البينونة بقَوْل الزوج، ولم يقُل بأنَّه أقر بعَقْد أنكرته المرأة، وصدَّقْناها بيمينها، فيَلْغُو ويستمر النكاح، كما لو قال: بِعْتُكَ هذه العين بكذا، فأنكر صاحبه، وصدَّقناه بيمينه، تبقى العين للمُقِرِّ؛ وذلك لأن الخُلْع يتضمَّن إتلاف المعقُود علَيْه، وهو البُضْع، والبُضْع لا يتضمن إتلاف المعقود عليه؛ ألا ترى أن البيع يُفْسَخُ


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>