بَتَعَذُّر العوض والبَيْنُونَة لا ترتد، فإن (١) كان كذلك، فإقراره بالخُلْع المتضمن للإتلاف إقرارٌ بالإِتلاف، فنظيره من البيع أن يقول: بعْتُك عبْدي هذا بكذا، فأعتقه وأنْكَر فإنَّا نُصَدِّقُه بيَمِينِه، ونحكم بعتق العَبْد بإقْرَاره، ولَو سلَّمت أنها اختلَعَتْ، وقالَتْ: اختلعتُ بوكالة فلانٍ، وصرحَتْ بالإِضافة إلَيْه، فوجهان:
أصحهما: أنهما يتحالفان؛ لأنهما اتفقا على جريان العَقْد بينهما، واختلفا في أنَّها هل أضافت العَقْد إلى الغَيْر، فأشبه الاختلاف في سائر كيفيات العَقْد؟.
والثاني: لا يتحالفان وهُو الذي أورده المُتَوَلِّي، وحكى على هذا وجهين:
أحدهما: أن القَوْل قولُها مع يمينها؛ لأنها تنكر أصل الالتزام، فهو كإنكار أصل العقد فيما يتعلَّق بها.
الثاني: أن القول قولُ الزوج مع يمينه؛ لأنَّها اعترفت بالعَقْد، وفائدتُه تعود إليها، وذلك ظاهر في التزام المال، وهِي تدَّعي ما يمْنَع المطالبة، وهي الإِضافة إلَيْه، والأصل عدَمُه، ولو سلّمت ولم تصرِّح بالإضافة إلى الأجنبيِّ، ولكن قالت: نَوَيْتُهُ، فإن قلنا موجبه المطالَبَةُ على الوكيل، لم ينَقطع طلَبُه الزوج بقولها وكذا لو أنكر أصل الوكالة، وإن قُلْنا: إن الوَكِيلَ لا يُطَالب فيتحالفان، أو تُصَدَّق الزوجة أو الزوج؟ تعود فيه الوجوه الثلاثة إذا عَرَفْتَ لك فاعلم أن المُزَنِيَّ نَقل في "المُختصر" عن الشَّافعي -رحمه الله- أنَّه إن قالَتْ: خالَعْتَنِي على ألْف، ضمنها لَكَ غيري، أو على ألْفِ فَلْس، وأنكر، تحالَفَا،. وكان له عليها مَهْر مثلها، فظاهره يقتضي التحالُفَ فيما إذا أقرَّتْ بالاختلاع، وقالت: ضَمِنَ المالَ فلانٌ، وهي الصورة التي افتتحنا الفَصْل بها، ولا وجْه فيها؛ للتحالُفِ، بل هي مطالَبَةٌ وإنْ كان هُنَاك ضامنٌ، فاخْتَلَفَ الأصحاب، حكى الحناطي عن بَعْضِهِم أن المسألة غَلَط من الكاتب، ومنهم من قال: الجوابُ راجِعٌ إلى صورة الاختلاف في الفَلْس على ما قدمنا، فرُبَّما جمع الشافعيُّ بيْن مسألتين، فأجاب في إحداهما وترك جواب الأخرى، والأكثرون ردُّوا الجوابَ إليهما، واختلفوا في محل النص؛ فالذين قالُوا: يُجْرِيَان التحالُفَ فيما إذا قالَتْ: قبلْتُ الخُلْعِ بألْف في ذمَّة فلان، حَمَلُوا النص [على هذه الصورة] وحمله بعضهم على ما إذا كانت قد وكلت بالاختلاع بِقَدْرٍ دون الألْف، فخالف الوكيل بالألّف، ثم اختلف الزوْج والزوْجة في الزيادة، فقال الزوج: هي علَيْه، وقالَتْ هي: بل على الوكيل، وحكى القاضي ابن كج عن أبي إسحاق حمل النص على ما إذا قَالَتْ: اختلع فلان بإذني ووكالتي، فلا مطالَبَةَ لَكَ عليَّ، إنما تُقْتَصُّ منه، ثم هو يرجع عليَّ، وهذا ينطبق على الوَجْه المذْكُور في عُهْدة الوكيل أن المطالب