للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحال، إذا قال لها: أنْتِ طالقٌ للسنّة، وإن اختلف التوجيه، والخلاف فيما إذا قال: أنتِ طالقٌ للبدعة.

ولو صرَّح بالوقت، فقال لها: أنتِ طالقٌ لوقْتِ السنّة أو لوقت البدعة، قال في "البسيط" [إن] لم ينوِ شيئاً، فالظاهر وقُوع الطَّلاق في الحال أيضاً، وإن قال: أردتُّ التأقيت المنتظَرَ، فيحتمل أن يقبل؛ لأن تصريحه بالوقت يكاد يلحقه بالمواقيت، ولا نقل (١) فيه.

ولو قال: أنْتِ طالقٌ لا للسنّة ولا للبدعة، وقَعَ الطلاق في الحال، أما إذا لم تكُنْ متعرِّضة للسنّة والبدعة، فحَالُهَا ما عَبَّرَ عنْه، وأما إذا كانَتْ متعرِّضة لهما؛ فلأن الوصفَيْن لا ينتفيان (٢) فيلغو ذلك، ويبقى أصل الطلاق، وكذا الحُكْم لو قال: أنْتِ طالقٌ طلقةً سنيةً بدعيةً؛ لأن الوصفين لا يجتمعان.

فَرْعٌ: لو قال لها في زمان البدْعَة: أنتِ طالقٌ طلاقاً سُنِّيَّاً، أو في زمان السنة أنتِ طالِقٌ طلاقاً بدعيًّا، ونوى الوقوع في الحال قال في "التتمة": لا يقع الطلاق؛ لأن النية إنما تعمل فيما يحتمله اللفظ، لا فيما يخالفه صريحاً وإذا تنافَيَا نُلْغِي النِّيَّةَ ونعمل باللفظ لأنَّه أقوى ولو قال: أنْتِ طالقٌ الآن طلاقاً سُنِّياً، والحال حال البدعة، يقع الطلاق في الحال، اعتباراً بالإِشَارة إلَى الوَقْت ويلغو اللفظ. واللَّهُ أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِيَةُ): إِذَا قَالَ للطَّاهِرَة: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً بَعْضُهُنَّ للِسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلبِدْعَةِ يُحْمَلُ عَلَى التَّشْطِيرِ مُطْلَقُهُ فَيَقَعُ فِي الحَالِ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ لِتَكْمُلَ في الحَالِ طَلْقَتَيْنِ، وَقَالَ المُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: تَقَعُ وَاحِدَةٌ لأَنَّ البَعْضَ مُجمَلٌ وَأَقَلُّهُ الوَاحِدُ فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ:


(١) في ب: يقبل.
(٢) لفظاً، وكذا لو قال طلقة سنّية بدعية.
قال الشيخ البلقيني: قوله: في الروضة "فالوصفان متنافيان" ليس بمستقيم؛ لأن هذا إنما يصلح في حالة الإِثبات بأن يقول أنتِ طالقٌ طلقة سنّية بدعية.
أما هذا فتعليله ما ذكره هنا، وكذا الحكم لو قال أنتِ طالقٌ طلقة سنّية وبدعية؛ لأن الوصفين لا يجتمعان وعندي يتحرج علي ألا يقع الطلاق على ذات السنّة والبدعة حتى تصل إلى ملك الحال بأن يستبين حملها أو تصير آيسة وهو نظير ما حكاه الشيخ أبو علي في قوله لغير ذات السنّه والبدعة أنتِ طالقٌ للبدعة.
وقال الشيخ أيضاً: وينبغي أن يأتي قوله لذات السنّة والبدعة أنتِ طالقٌ لا للسنة ولا للبدعة غداً وأنت طالق طلقة سنّية بدعية وجه ابن الوكيل في عدم الوقوع الذي حكاه الرافعي في الفرع قبله، وقد أفتى القاضي الحسين في من قال لزوجته طلقتكِ طلقة رجعية، وكانت غير مدخول بها أو كانت ثالثة، أن الطلاق لا يقع؛ لأنه وصفه بصفة لا توجد في المرأة المذكورة، فلم يقع، وما أفتى به القاضي مخالف للصواب وإنما سقناه شاهداً للوجه الذي أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>