للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَدت فِي الحَالِ ثَلاَثةَ أَنْصَافٍ كَمُلَ الثَّلاَثُ فِي الحَالِ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدتُّ وَاحِدَةً في الحَالِ وَثِنْتَيْنِ فِي الاسْتِقْبَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ، وَقِيلَ: لاَ يُقْبَل لأَنَّ الثِّنْتَيْنِ بَعْضاً بَعِيدٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا قال لامرأته: أنْتِ طالقٌ ثلاثاً بعضهن للسنة، وبعضهن للبدعة، وهي من ذوات الأقراء، فيُنْظَر إن أطْلَق، ولم يَنْو شيئاً فالنصُّ أنَّه يحمل على التشطير، فتكون حصَّة الحال طلقةً ونصْفَ طلقة، أو بعض الطلاق يُكَمّل، فيقع في الحال طلقتان، فإذا صارت إلى الحالة الأخْرى وقعتِ الطلقة الباقية، ووجْه ذلك بأن الشَّيْء إذا أُضِيف إلى جهتَيْن بلفظ البَعْض لزمت التسوية؛ ألا ترى أنَّه لو قال: هذه الدار بعضها لزَيْدٍ، وبعضها لعَمْرو يحمل إقراره على التشطير، إذا لم تكن له بينة، وذكر المزنيُّ: أنه يقع في الحال طلقةً، وتتأخر الطلقتان إلى الاستقبال؛ لأن لَفْظ البَعْض يقع على القليل والكثير، فالمستيقن وقُوع الواحدة، وجعَل الحناطي والإِمَام هذا وجْهاً في المَذْهَب، ولم يعدُّوه من تفردات المزنيِّ، ومن صار إلَيْه لا يكاد يُسَلِّم مسألة الإِقرار، ويقول يأنه مُجْمَل يرجع إليه فيه، ونقل الحناطي وجهاً ثالثاً: وهو أنه تقع الثلاث في الحال؛ حمْلاً على إيقاع بَعْض من كل طلقة في الحال، وإن قال: أردتُّ إيقاع بَعْضٍ مِنْ كل طلقة في الحال، وقَع الثَّلاَثُ في الحال، وإن قال: أردتُّ التشطير قُبل، ووقع في الحال طلقتان.

[وفي الاستقبال الطلقة الثالثة، وإن قال: أردتُّ في الحال طلقتان]، وفي الاستقبال طلقة قبل، وحكم بمقتضاه، وإن عكس وقال أردتُّ في الحال طلقة وفي الاستقبال طلقتين، فوجهان: أحدهما: وبه قال ابن أبي هريرة: أنه لا يقبل؛ لأنَّهُ يُؤَخِّر طلقةً يقتضي الإِطْلاَقُ تعجيلَها، كما لو قال: أنتِ طالقٌ، ثم قال: أردتُّ إن دخلتِ الدار.

وأصحُّهما -ويُحْكَى عن نصِّه، واختيار أبي إسحاق-: أنه يقبل، ويحكم بموجب قوله؛ لأن اسم البَعْض يقع على القليل والكثير من الأجزاء، وربَّما علل الوجْه الأول بأن تسمية الشيْء بعضاً من الثلاث بَعيد؛ لأن معظم الشَّيْء لا يكاد يُعَبَّر عنه بالبعض، هذا ما ذكره في الكتاب، لكنه موجود فيما إذا قال: أردت طلقتين في الحال، وواحدةً في الاستقبال إلاَّ أنه هناكَ هو مُقِرٌّ علي نفسه بالأغلظ، فلم يُتَّهم، وهذا الخلاف في القبول ظاهراً، ولا خلاف أنه يَدِينُ، قال في "التتمة" وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا ندم على ما سبق منْه، وأراد أن يخالِعَها حتَّى تصير إلى الحالة الأخرى، وهي بائن فتخل اليمين، ثم يعود ويتزوجُها وقلْنا؛ الخُلْع طلاقٌ، فإن قلنا: الواقعُ في الحال طلقةٌ، أمكلنه ذلك، وإن قلنا: طلقتان، لم يمكن.

ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً بعضهن للسنّة، واقتصر عليْه وكانت في حالة السُّنَّة قال في "الشَّامِل" تجيْء على الوجه الأصحِّ وهو القبول، إذا قال أردتُّ طلقةً في الحال، وثنتين في الاستقبال أن لا يقع إلا طلقة، لأن البَعْض ليس عبارة عن النِّصْف، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>