للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضمر، كقوله: راجعت فلانة، أو راجعتك، فأما مجرد راجعت وارتجعتُ, فلا ينفع] ولو قال: راجعْتُك للمحبة أو الإهانة أو الأَذَى وقال: أردتُّ أنِّي راجعْتُكِ؛ لمحبتي إياك، أو لأهينك، أو أوذيك، قُبِلَ، وحصلت الرجعة، وإن قال: رجَعْتك إلى المحبَّة أو الإهانة أو الإيذاء أو إني كُنْت أحبك أو أهينك قبلَ النكاح، فرددتُّكِ إلى تلك الحالة، قُبِلَ، ولم تحصل الرجعة، وإن تَعذَّر الرجوع إليه؛ بأن مات أو كان قَدْ أطلق (١) فالرجعة حاصلةٌ؛ لأن اللفظ صريحٌ، وقوله للمحبة أو الإهانة الظاهرُ منْه المعنى الأوَّلُ وأشيرَ فيه إلى احتمالٍ آخَرَ، ومنع كونُه صريحاً مع هذه الزيادات، وفي لفْظ الرد وْجهان:

أصحُّهما: أنه صريح، لورود القرآن والسُّنَّة به قال الله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] ورُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "رَكَانَةُ، ارْدُدْهَا" (٢).

والثاني: المنع؛ لأنه لم يشتهر، ولم يتكرَّر؛ بخلاف لفظ الرَّجعة، وإذا جعلْناه صريحاً، فهل يُشْتَرط أن يقول: رددتها إليَّ أو إلى نكاحِي؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، كما في لفظ الرجعة.

وأظهرهما: الاشتراط؛ لأن الرجعة مشهورةٌ في معناها، والرد المطلق بالمعنى المقابل للقبول (٣) أشدُّ إشعارًا وقد يُفْهَم منه الرَّدُّ إلى الأبوين بسَبَب الفِرَاق.

ولو قال: أمسكْتُكِ، ففيه وجهان، كما ذكرنا في الرَّدِّ.

وقال القفَّال: وآخرون: قولان.

أحدهما: أنه ليس بصريحٍ؛ لأنه يحتمل الإمساك في البيت وباليد، وإلى ترجيحه، ذَهَب الشيخ أبو حامد، والقاضيان أبو الطيِّب والرُّويانيُّ وغيرهم.

والثاني: أنه صريح؛ لورود القرآن به غَيْرَ مرة، ويُحْكَى هذا عن أبي الطيِّب بن سلمة والأصطخري (٤) وابن القاصِّ.

وفي؛ "التهذيب": أنه الأصح، وإذا قلّنا: إنه صريحٌ فيشبه أن يجيْء في اشتراط الإضافة الخلافُ المذكورُ في لفظ الرَّدِّ، والذي أورده في "التهذيب" أنه يُسْتَحَبَّ أن يقول: أمسكتك على زوجتي، مع حكايته الخلاف في الاشتراط هناك، وإن قلنا: إنَّه ليس بصريح، فهل هو كنايةٌ فيه وجهان، نقلهما الإِمام:

أظهرهما: نعم، وبه قال الشيخ أبو عليّ والقاضي الحُسَيْن (٥).


(١) في أ: طلق.
(٢) تقدم.
(٣) في أ: للقول.
(٤) قال النووي: صحح الرافعي في "المحرر" أنه صريح.
(٥) رجح النووي أنه كناية ولم يصرح الرافعي بترجيح. قال الأذرعي نعم كلامه في الشرح الصغير يشعر به أي بترجيح أنه كناية.

<<  <  ج: ص:  >  >>