للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريبٌ من قولهم: عاد في هبته، ومقصود الظِّهار ومعناه وصْف المرأة بالتحريم، فكان (١) بالإمساك عائدًا.

وقال مالك وأحمد -رحمهما الله-: العَوْد هو العَزْم على الوطء، وهو رواية عن أبي حنيفة، ويُرْوَى عن مالك أن العَوْد هو الوطء، فليُعْلَم قوله في الكتاب "والعود هو إمساكها عقيب الظِّهار" بعلاماتهم وبالواو أيضًا؛ لأن الشيخ أبا حاتم القزوينيَّ حكى عن القديم قولاً أن العَوْد هو العزم على الوطء، ونقل الأمام وغيْره عن القديم أن العَوْد هو الوطء.

واعلم قوله "وجوب الكفارة" بالحاء؛ لأن المشهور عن أبي حنيفة أنَّ الكفَّارة لا تجب على المُظَاهر، وإنما هي شَرْط حل الوطء، فيكفر إن أراد الاستباحة.

وقوله "بالعود" يقتضي كون العَوْد سبب الكفارة، واختلف عبارات الأصحاب [فيه] (٢) بعد الاتفاق على أن العَوْد إنما يَجِب إذا ظاهَرَ، وعاد، فمِنْهم مَنْ قال: سبب الكفارة يتركَّب من العَوْد والظهار، ومنهم منْ يضيفها إلى العَوْد؛ لأنه الخبر الأخير، ومنهم مَنْ يقول: تجِب الكفَّارة بالظهار، والعود شرط له، إذا تقرر ذلك، فلَوْ مَات أحد الزوجين عقيب الظِّهار، فلا عَوْد لفوات الإمساك على النكاح، وكذا لو فَسَخ أحدهما النكاح بسبب يقتضيه أو جُنَّ الزوج؛ لأنه تعذَّر عليه الفراق، ولو قطع النكاح بطلقة بائنة أو رجعية، ولم يراجع، لم يكن عائدًا ولم تلزمه الكفَّارة.

ثم في الفصْل صوَرٌ:

إحداها: لو كانت الزوجَة رقيقةً فظاهر منها، ثم اشتراها مِنْ مالكها على الاتصال، ففيه وجهان:

أظهرهما، وبه قال أبو إسحاق وابن أبي هريرة، وهو المذكور في الكتاب: أنه لا يكون عائدًا؛ لأنه قَطَع النكاح بالشراء، فأشبه ما لو طلَّق.

والثاني: [أنه] (٣) عائد؛ لأنه لم يحقِّق التحريم، وإنما نقَلَها من حِلٍّ إلى حِلٍّ، وذلك إمْساك لها، وإذا قلنا بالأول، فالاشتغال بأسباب الشراء كالمساومة وتقدير الثمن، هل يمنع العَوْد؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأخذه في المفارقة وتحقيق الوصْف بالتحريم. والثاني: لا؛ لأنه مُمْسِك إلى أن في يشتري، قادِرٌ على المفارقة، بالأول أجاب صاحب "التهذيب" والأشبه


(١) في ز: وكان.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>