للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرز وجْه، نقله السرخسي: أنه لا يجزئ، وحكى القاضي ابن كج وجهاً: أنه لا يجزئ، إذا نحيت (١) عنه القِشْرة العليا؛ لأن ادخاره فيها، والظاهر الآخر.

ثم إن كان في القشْرة العليا، فيُخْرِج قَدْرَ ما يَعْلَم اشتماله على مُدٍّ من الحب، ولم يَجْرِ في الفطرة ذِكْرُ هذا الخلاف مع الأرز، وجرى ذكْر قول في العَدَس والحُمُّص، ويُشْبه أن يجيْء في كل بابٍ ما نقل في الآخر، وفي الأقط الخلافُ المَذْكور هناك، فإن قلنا بإجزائه، فيخص أهل البادية أم يعم الحَاضِر والبادي؟ وذكر القاضي ابن كج فيه وجهَيْن، وفي اللحم واللبن خلافٌ مرتَّبٌ على الأَقِطِ، وأولى بالمنع؛ لأنه لا يُدَّخَر، ثم يتعيَّن على المُكَفِّر من الأجناس المجزئة غالبُ قوت البلد (٢)، فإن كان الغَالِبُ ما لا يجزئ؛ كاللَّحم، إذا قلنا: إنه لا يُجْزئ، فيخرج من القوت الغالب في أقرب البلاد إلَيْه، وقال أبو عبيد بن حربويه -رحمه الله-: عليه الاعتبار بغالب قُوته على الخُصُوص، كما قاله في الفطرة، وقد ذكرنا في الفطرة وجهاً أو قولاً: أنَّه يَتَخيَّر بين الأجناس المجزئة، وهو جارٍ هاهنا؛ ألا تراهم يقولون: إذا تعيَّن قوتٌ، جاز إخْراج ما هو أعْلَى منه، وفي الأدنى خلافٌ، ويجوز الأدنى يختبر، ولا يجزئ الدقيق ولا السويق ولا الخبز، خلافاً لأبي حنيفة.

وعن أبي القاسم الأنماطيِّ: تجويز الدقيق كما قاله في الفِطْرة، وحكى القاضي أبو الطيِّب عنْه التجويز في السويق أيضاً، ونقل القاضي الرُّويانيُّ عنه إجزاء الخبز أيضاً، وروي مثل ذلك عن ابن أبي هريرة والصَّيْمَرِي واختاره لنفسه، وعن ابن خَيْران: أنه يجوز أن يُعطَى كل مسكين رطْلَيْ خُبز، وقليلَ أدَمٍ, والظاهر ما سبق ولا تُجْزئ الدراهم والدنانير؛ بدلاً، خلافاً لأبي حنيفة.

والرابع: طريق الصَّرْف إلى المستحقِّين، وهو التمليك والتسليط التام، فلا يكفي التغذية والتعشية، كما في الزكاة، وعند أبي حنيفة: تجزئ التغْذية والتعشية، قال في "التتمة": وإنما يظهر الخِلاَف في التَّمْر؛ فإن الخبز يجزئ عندنا بحالته (٣) كما يجوز العُدُول من الصيام إلى الإطعام، فإذا عَجَز عن الصوم لِهَرَمٍ أو مرض، كان له العدول إلى الإطعام، وبمثله أجابوا فيما إذا لم يَعْجَز، ولكن كان يلْحَقُه من الصوم مشقةٌ شديدةٌ أو كان يَخَاف زيادةً في المرض، ثم لم يعتبر الإِمام وصاحب الكتاب في المَرَض أن لا يُرْجَى زواله، بل قالا (٤): لو كان يدوم شهْرَيْن في غالب الظنِّ المستفاد من اطراد العادة


(١) في ب: نحت.
(٢) قال في الخادم: وفي جنس القوت قولان أحدهما أنه يجزئه أي نوع شاء والثاني أنه يجزئه النوع الغالب. قال: وأي غالب يعتبر فيه وجهان. أحدهما: غالب قوت البلد والثاني: فوقه لقوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}.
(٣) في ز: فحال.
(٤) في ز: قالوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>