للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الوجوب: أنه المسكن الذي تراضَوْا به، وكانت في صُلْب النكاح فيه.

وأظهرهما: المنع؛ لأن العدة فرْع النكاح، وأثره، فإذا لم تستحق إسكانها في صُلْب النكاح لم يستحقَّه في العدة.

الثالثة: إذا طلَّقها، وهي ناشزة، لم تستحق السكنى في العدة؛ لأنَّها لا تَسْتحِقُّ النفقة والسكنى في صلْب النكاح؛ لتعدِّيها؛ فَلأَنْ لا تستحق بَعْدَ البينونة كان أوْلَى. هكذا حكي عن القاضي حُسَيْن، وزاد صاحب "التتمة" فقال: وكذا لو نَشَزَتْ في العدة، تسقط سكناها، ولو عادت إلى الطاعة، عاد حق السكنى، قال الإِمام: إذا طُلِّقت في مسْكن النكاح، فعليها ملازمة المَسْكن؛ لِحَقِّ الشرع، فإذا أطاعت، [فتستحق السكنى، فيتجه] أن يقال: لا يلزمه مؤنة السكنى، وعبَّر بعضهم عن كلام الإِمام -رحمه الله- بأنها إن نَشَزت على الزوج، وهي في بيته، فلها السكنى في العدَّة، وإن خرجت من بيته، واستعصت عليه مطلقاً، فلا سكنى لها، ويجوز أن يُعْلَم لهذا قوله في الكتاب "والنَّاشِزَةِ" لأنه مُطْلَق موافق لما حكي عن القاضي.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَإنَّمَا يَجبُ مُلاَزَمَةُ مَسْكَنِ النِّكَاحِ* فَلَوْ طُلِّقَتْ بَعْدَ الاِنْتِقَالِ لاَزَمَتِ الْمُنْتَقَلِ إِلَيْهِ* فَإنْ أَذِنَ في الاِنْتِقَالِ وَطَلَّقَهَا فِي الطَّرَيقِ فَالمَسْكَنُ هُوَ الأَوَّلُ عَلَى وجْهٍ* وَالثَّانِي عَلَى وَجْهٍ* وَالعِبْرَةُ في الاِنْتِقَالِ بِالبَدَنِ لاَ بِالأَمْتِعَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: من استحقت السكنى من المعتدات، تَسْكن في المسكن الذي كانت فيه عنْد الفراق، إلا أن يَمْنع منه مانع، على ما سيأتي (١)، فلَيْس للزوج ولا أهْلِه إخراجُها منْه، ولا لها أن تخْرُج؛ على ما ورد به الخبر، فلو اتفق الزوجان على أن تنتقل إلَى مسكن آخر منْ غير حاجة، لم يَجُزْ، وكان للحاكم المَنْع؛ لأن في العدة حقَّ الله تعالى، وقدْ وجَب في ذلك المَسْكَنُ، فكما لا يجوز إبطال أصل العدة، باتفاقهما لا يجوز إبْطال صفاته وتوابعه، وليس كما في صُلْب النِّكَاح يسكنان، وينتقلان كيف شاءا لأن هناك الحقَّ لهما على الخُلُوص، ولو تركا المكث والاستقرار، وأداما على السيْر والسفر، جاز، وهاهنا بخلافه.

إذا عَرَفْتَ ذلك، فلو انتقلت مِنْ مَسْكن إلى مسكنٍ بغير إذن الزوج، ثم طلَّقها أو


(١) هذا في المطلقة البائن، أما المطلقة الرجعية فإن سكناها حيث يختار الزوج في موضع يليق بها، نبه على ذلك جماعة من المتأخرين تبعاً ونقله في المهمات عن الحاوي والمهذب وغيرهما من العراقيين كما نقله ابن الرفعة نعم في النهاية أنه يتعين عليها ملازمة المسكن. انتهى.
قال في الخادم: والصواب ما قاله الإِمام فقد نص عليه الشَّافعي في الأم موضعين صريحاً وفي المختصر إشارة، وقد حكى النصوص ابن الرفعة في المطلب ... إلى آخر ما ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>