مات عنها، فعليها أن تعود إلى الأَوَّل، وتعتد فيه، ولو أذِنَ لها بعْد الانتقال في أن تقيم، فيه، كان كما لو انتقلت بالإذْن، وإذا انتقلَتْ بالإذن، ثم طَلَّق أو مات، فتَعْتَدُّ في المنْتَقَل إليه؛ لأنه المسْكِن عند الفراق، وإن خرَجَتْ مِنَ المَسْكن الأول، ولم تصل إلى الثاني، فطَلَّقها في الطريق، ففيه ثلاثة أوجه:
أحدُها: أنها تعتد في المسْكَن الأوَّل؛ لأنَّها لم تحْصُل في مسكن آخر قبْل الفراق.
وأصحَّهما، ويحكى عن نصِّه -رضي الله عنه- في "الأم" وبه قال أبو إسحاق: أنها تعتد في المسكن الثاني؛ لأنَّها مأمورةٌ بالمقام فيه ممنوعةٌ من غيره.
والثالث: تتخيَّر بينهما؛ لأنَّها غير مستقرةٌ في واحد منهما، ولها تعلُّق بكل واحدٍ منهما، وفي "البحر" بدل الوجه الأول وجه آخر؛ وهو أن يعتبر القُرْب، فإن كانت إلى المسكن الأول أقرب. [عادت إلَيْه، واعتدت فيه، وإن كانت إلى الثاني أقرْب،] مضَتْ إليه، والاعتبار في الانتقال بالبَدَن لا بالأمتعة والخدم حتَّى لو كانت قد انتقلت إلى المسكن الثاني بنفسها، ولم تنْقل الرحلُ [و] الأمتعة، فمسكنها الثاني، ولو نقلت الأمتعة، ولم تنتقل هي، فالمسكن الأول كما أن حاضر المسجد الحرام مَنْ هو بمكة لا مَنْ رحله، وأمتعته بمكة، وعند أبي حنيفة: الاعتبار بالأمتعة لا بالبدن، والحكم على العَكْس، ولو أَذِنَ لها في الانتقال إلى المَسْكن الثاني، فانتقلت، ثم عادت إلى الأوَّل؛ لنقل متاع وغيره، وطلَّقَها، فالمسكن الثاني فتعتد فيه وهو كما لو خرجت عن المسكن لحاجة، فطلقها، وهي خارجة، قال الإِمام -رحمه الله-: وهذا إذا كانَتْ قد دخَلَتِ الثاني دُخُولَ قَرَارٍ، فأما إذا لم تدْخُلْه على قَصْد القرار، بل كانت تتردَّد بينهما، وتنقل أمتعتها، فإن طلَّقها، وهي في المسكن الثاني، فتعتد فيه، وإن طلَّقها، وهي في الأول، ففيه احتمالان.