وأمَّا المفارقة باللعان، إذا كانت حاملاً، ولم ينف حمْلَها، فهل تستحقُّ النفقة، أما على الطريقة المذكورة في الكتاب [فقد اختلفوا:](١) قال بعضُهم: اللعانِ مِنَ الفراق الذي لها مدْخَلٌ فيه؛ لأنها أحوجته إليه على ما يزعمه.
والأصح أنَّه كالطَّلاَقِ، وهي مُنْكِرةٌ لما يزعمه، فتستحق النفقة، وَتَجْري فيه الطريقتان الأخريان، ولا يَخْفَى على الطريقة المرجَّحة أن اللعان من قبيل العَوَارِضِ، والفراق به ليس مستنداً إلى حال العقد، وإن نفى حمْلها باللعان، لم تجب النفقة سواءٌ جِعلْنَاها للحَمْل أو للحَامِلِ؛ لأنه قد انقطع الحَمْل عنه، وصارت في حق الزَّوْج كالحائل، وحكى القاضي أبو الطيِّب وجهَيْن في أنها هل تستحق السُّكْنَى والحالةُ هذه، والأظْهَرُ الاستحقاقُ، وهو الذي ذكره الشيخ أبو حامِد.
ولو أبان امرأته بالطَّلاَقِ، ثم ظَهَرَ بها حَمْلٌ، وقلْنا: له أن يلاعن لِنَفْيِهِ، فلاعن، سقَطَتِ النفقة، وعن القاضي أبي الطيِّب: أنا إن أثبتنا للملاعنة السكْنَى فههنا أَوْلَى لأنها معتدة عن الطلاق وإلا فيحمل على وجهين، وإذا لاعن عنها، وهي حامل، ونفى الحمل، ثم عاد وكذَّب نفسه، واستلحق الولد، طولب بنفقة ما مضى، نصَّ عليه واختلف الأصحاب:
فعَنْ بعضهم: أن هذا الجواب على أن النفقة للحَامِلِ، أمَّا إذا جعلْنَاها للحَمْل، فلا مطالبة؛ لأن نفقة القريب تسقط بِمُضيِّ المدة، ولا تصير دَيْناً في الذمة.
وقال الأكثرون: تثبت المطالبة على القولَيْنِ؛ لأنها، وإن كانت للحَمْل، فهي مصروفةٌ إلى الحامل، وهي صاحبة حقٍّ فيها، فتصير دَيْناً، كنفقة الزوجة، ولو أكْذَبَ نفْسَه بعْد ما ولَدَتْ، وأرضعت الولَدَ، رجَعَت عليه بأجرة الرَّضَاع، نصَّ عليه في "الأم". وحكى أبو عليٍّ -رحمه الله- وجْهاً أنها لا ترجع.
ولو أنفقت عليه مدَّة، ثم رجع، رجعَتْ عليه بما أنفقَت، في الظاهر، الوجْهُ الآخر، ووجْهُ المذهب الظاهر أنها أنفقت عليه وفيه على ظن أنه واجِبٌ عليها, لا على سبيل التبرُّع، فإذا بانَ خلافه، ثبت الرجوع، وشبه ذلك بما إذا ظَنَّ أن عليه دَيْناً، فقضاه، ثمَ تبيَّنَ خلافَهُ، يرجع به، بخلاف ما إذا تَبرَّع على غيره بمال، وبما إذا أنفق على أبيه على ظن إعساره، فبان يسَارُهُ، يرجع بما أنفق ولو تبرَّع عالماً بإيساره، لا يرجع.
المسألة الثانية: في وجوب نفقة المعتدَّة عن النكاح الفاسد، وعن وطء الشبهة، إذا كانت حاملاً وجهان، بناهما الجمهور على أن النفقة للحَمْل أو للحَامِلِ، وقالوا: إن