الوجهين، وإن قلْنا: للحامل، فلا زيادة كما في صلب النكاح، والثاني أنا إذا قلْنا: إنها للحمْل فتعتبر الكفاية، وإن قلنا: للحامل، فوجهان احتياطاً للحَمْل، ولا بد للتفريعِ عَلَى كلِّ واحدٍ من القولَيْن مِنَ النَّظَرِ إلى معنى القَوْل الآخر، لتعلق الواجِب بالعمل والعامل جميعاً. والذي أورده أكثرهم: أن هذه النفقة مُقَدَّرة كما في صُلب النكاح، ولا زيادةَ ولا نُقْصَان، وَقَدْ يرونه مُتَّفِقَاً عليه.
الخامسة: إذا مات الزوج قَبْل أن تضع الحَمْلَ، فإن قلنا: إن النفقة للحَمْل، سَقَطَت؛ لأنَّ نفقة القريب تَسقُط بالمَوْت، وإن قلْنا: إنها للحامل، فوجهان:
عن ابن الحَدَّاد: أنها تسقط أيضاً لأنها كالحاضنة للولد، ولا تجب نفقة الحاضنة للولد بعد الموت.
وعن الشيخ أبي عليٍّ: أنها لا تَسْقط؛ لأنها لا تنتقل إلى عدة الوَفَاة بخلاف الرجعيَّة بل تعتدُّ عن الطلاق، والطلاق كأنَّه (١) يوجِبُ هذه النفقة دفْعَةً واحدةً فتكون كدَيْنٍ عليه؛ ولهذا يبقى لها حقُّ السكْنَى، ولا يجيءْ فيه القولان في أن المتوفَّى عنها زوجُها، هل تستحق السكْنَى، ورأَى صاحب الكتاب هذا أقْيَسَ، [وقال] كأن الشرع جعل عُلْقة الحَمْل كعُلْقة الرجْعة في إيجَابِ النفقة، وعُلْقة الحمل باقيةٌ، والأصحُّ عند الإِمام ما نُقِلَ عن ابن الحدَّاد وقال: النفقة تجب يوماً فيوماً، ولا تصير الجملة دَيْناً كما في صُلْب النكاح، وأمَّا لفظ الكتاب فقوله:"فلها السكْنَى" لا حاجة إلى ذكْره في هذا الموضع، وقد سَبَقَ ذكْره في باب السُكْنَى في العدة.
وقوله:"والفسخ كالطلاق إن حصل بردته" يجوز أن يُعْلَم بالواو، كسائر الطرق المذكورة.
وقوله:"سَقَطَ جمِيعُ المَهْر" مذكور في موضعه وليس إلى ذكره هاهنا كبير حاجة إلا أنه أشار، به إلى أنه كما يسقط المَهْر، تَسْقط النَّفَقَةُ.
وقوله:"لأن للزوجة ولاية الاستقراض" يشتمل على مسألة مقصودة، نَذْكرْها مع أخواتٍ لها في الباب الأول من "نفقات الأقارب"، ولْيُعْلَم بالواو؛ لما نبينه هناك، ووُجِّه وجْه الرجوع بما إذا أنفقت على الولَدِ المنْفِيِّ باللعان، أنه إذا كانَتْ متمكِّنة من الاستدانة، لم تُجْعَل متبرِّعة بالإنفاق ولا شك أنها إنما ترجع إذا قَصَدَتِ الرجوع، ولا ترجع إذا قصَدَتِ التبرُّع.
(١) قال في الخادم: والمتجه السقوط لأنا وإن قلنا للحامل فهي تسبب الحمل ولا يمكن أن يستحق على ميت مؤنة. وقد قال الإِمام: إن كان ما قاله أبو علي في كلامه فهو بعيد من الصواب، والصواب ما قاله ابن الحداد وإن نقله عن الأصحاب فالأوجه ما ذكره ابن الحداد إلى آخر ما ذكره.