للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْعُ الثَّانِي القَطْعُ المُبِينُ لِلأَعْضَاءِ وَالمُقَدَّرُ مِنَ الأَعْضَاءِ سِتَّةَ عَشَرَ عُضْواً: الأَوَّلُ: الأُذُنَانِ وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنَ كَانَ مِنَ الأَصَمِّ فَفِيهِ مَنْفَعَةُ جَمْع الصَّوْتِ وَمَنْعِ دَبِيبِ الهَوَامِّ، وَالدِّيَةُ فِي مُقَابَلَةِ أَيِّ المَنْفَعَتَيْنِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: إنَّ الأذُنَ لَيْسَ فِيهِ أَصْلاً إلاَّ الحُكُومَةُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

إحدَاهُما: أنها تقوَّم، ويقدَّر الرق لمعرفة الحكومةِ، بعد اندمال الجراحة، ونقصان القيمة حينئذ قد يكونُ لضعفٍ ونقصانٍ في المنفعة، وقد يكون لنقصان الجمال؛ باعوجاج (١)، أو أثر قبيحٍ، أو شين من سواد أو غيره، ولو (٢) اندملت الجراحةُ، ولم يبق نقصان في المنفعة، ولا في الجمال، ولم تتأثَّر به (٣) القيمةُ، فوجهان:

أحدهما، ويحكَى عن ابن سُرَيْج: أنه لا يجب عليه شيء سوى التعزير؛ كما لو لَطَمَهُ أو ضربه بمثقل، فزال الألم، ولم تنقص منفعة، ولا جَمَال.

والثاني، وبه قال أبو إسحاق، وهو ظاهر النص، أنَّه لا بد من وجوب أرش؛ لأن جملة الآدميِّ مضمونة، فوجب أن تكون أجزاؤه مضمونةً؛ كسائر المضمونات، ولأنها (٤) جنايةٌ على معصوم، فلا يعتبر لوجوب المال بها بقاءُ شَيْنٍ (٥) وأثر، كالموضِّحة، والجراحات المقدَّرة، ولأن الجراحة عظيمة الموقع؛ فلا وجه فيها لإحباط (٦) والإهْدَار، وعلى هذا فوجهان:

أحدهما: أن الحاكم يقدِّر شيئاً باجتهاده.

وأظهرهما: أنه ينظر إلَى ما قبل الاندمال من الحالات التي تؤثِّر في نقصان القيمة (٧)، ويعتبر أقربها إلى الاندمال، وإن لم يظهر نقصانٌ إلا في حالة سيلان الدَّمِ ترقبنا، واعتبرنا القيمة، والجراحةَ داميةً، وحينئذٍ فالظاهرُ تأثيرُ القيمة لما فيها من الخَطَر، وخوف السراية، وبقاء الشين، فإن فرضت الجناية خفيفة، لا تؤثر في تلك الحالة أيضاً ففي (٨) "الوسيط": أنا نلحقها باللطم والضرب؛ للضرر (٩)، وفي "التتمة" أن الحاكم يوجِبُ شيئاً بالاجتهاد، والذي رجَّحه الأكثرون من الوجهين في أصْلِ المسألة؛


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: وأن.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: ولأنه.
(٥) في ز: شيء.
(٦) في ز: للاحتياط.
(٧) في أ: القيم.
(٨) في ز: هي.
(٩) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>