للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زائِدَةً في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، فَإنْ تَسَاوَيا فَفِي كِلْتَيْهِما دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ، وَلا قِصَاصَ في إحْداهُما، وَفِيها نِصْفُ دِيَةِ اليَدِ وَزِيَادَةُ حُكُومَةٍ لأَنَّهُ نِصْفٌ فِي صُورَةِ الكُلِّ، وَلَوْ قُطِعَتِ اليَدُ الباطِشةُ فاَشْتَدَّتِ اليَدُ الأخْرَى بِالقَطْعِ وَبَطَشَتْ فَفِي اسْتِرْدادِ الأَرْشِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يجب بقطع اليدين الديةُ بالإجماع، وعن معاذٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "وَفِي اليَدَيْنِ الدَّيَةُ، وَفِي الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي إِحْدَاهُما نِصْفُها" (١)؛ روي في كتاب عِمْرِو بن حَزْمٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "في اليَدَيْنِ مائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَفِي اليَدِ خَمْسُونَ" (٢) وتكمل الدية بِلَقْطِ الأصابع؛ لما روي: "فِي كُلِّ أُصْبُع مِنْ أَصَابعِ اليَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ"، ولو قطع من الكوع، فالواجبُ هو الواجبُ فَي لَقْطِ الأصابعِ، وحكومةُ الكف تدخلُ في ديتها، ولا يزاد بسبب الكف شيء (٣) ولو قطع (٤) بعض الساعد، أو المرفَقِ، أو المنكب، وجب حكومتها مع الديةِ، بخلاف الكَفِّ؛ لأنَّ الكف مع الأصابع كالعضو الواحد؛ ألا تَرَى أن أصل الكف يأخذ في الانشعاب والانقسام الظاهر في الأصابع، وبهما جميعًا يتمُّ البطش، وعليهما يقع اسم اليدِ والساعدِ والعضدِ، وخلقتهما (٥) تخالفُ خلقةَ الكفِّ والأصابع، هذا هو المذهبُ، وعن أبي عُبَيْدِ بن حربويه، أن نهاية اليد التي يجبُ فيها الديةُ، الإبطُ والمَنْكِب، ويجب فيما دون ذلك قسْطُه من الدية؛ واحتجَّ الأصحاب لوقوع اسم اليدِ على الأصابع والكفِّ؛ بقوله تعالَى في حد السرقة: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] فقطع رسول الله -صلى الله عليه وسلمِ- السارق من الكوع (٦)، ويجوز أن يُعْلَم للوجه المذكور من لفظ الكتاب قوله: "وَتَكْمُلُ الدِّيَةُ بِلَقْطِ


(١) قال الحافظ في التلخيص: لم أجده من حديث معاذ، وهو في حديث عمرو بن حزم، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(٢) قال الأذرعي: وتنبه هنا لصورة ذكرها الشَّافعي رضي الله عنه في باب صول الفحل وهو أنه لو أتى الدفع على قطع يمين الصائل فولى فتبعه فقطع يساره لزمه قودها فلو عاد الصائل بعد قطع يديه فدفعه المصول عليه عن نفسه ثانيًا فأتى ذلك الدفع على قطع إحدى رجليه ثم مات لزمه ثلث الدية ليده اليسرى وإن أتى الدفع على قطع يديه ثم قطع إحدى رجليه بعد أن ولى لزمه نصف الدية. هذا لفظ المتعمد وذكرها الأصحاب بمعناه ووجهه ظاهر فهذه صورة قطعت فيها اليد عمداً عدواناً ولا يلزم القاطع وهو المصول عليه في مسألتنا إلا ثلاث الدية فقس بذلك ما يضاهيه وهو واضح وقد يغفل عنه.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) سقط في ز.
(٦) أخرجه الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: أمر بقطع السارق من المفصل، ورواه البيهقي بمثله من حديث جابر وغيره، ومن حديث عبد الله بن عمر، وفي إسناده عبد الرحمن بن سلمة مجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>