للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: في تَحَمّلِ العَتِيقِ عن المعتق إذا جَنَى خَطَأً قولان:

أصحهما، وبه قال أبو حَنِيْفَةَ، ويُحْكَى عن أصحاب مَالِكٍ أنَّه لا يتحمل (١) عنه؛ لأنه ليس بمناسب [له] (٢)، ولا له عليه وَلاَءٌ، فأشبه الأَجَانِبَ؛ ولأنه حُكْمٌ من أحكام الوَلاَءِ، فَيَخْتَصُّ بالمعتق كالميراث.

والثاني: يحتمل؛ لأن التحمل للنُّصْرَةِ (٣)، والعتيق أَوْلَى بنُصْرَةِ المعتق؛ لإنْعَامِهِ عليه، ويخالف الميراث؛ لأن ذلك في مُقَابَلَةِ النِّعْمَةِ التي لِلْمُعْتِقِ بسبب الإِعْتَاقِ، ولا نِعْمَةَ لِلْعَتِيقِ على المُعْتِقِ.

فإن قلنا بالقول الثاني، فهذه جِهَةُ أخرى من جِهَاتِ التَّحَمُّلِ، وراء الثلاث، وَيتَأَخَّرُ العَتِيقُ في التحمل عن المُعْتِقِ، ولم يُوجَدْ شيء من عَصَبَاتِهِ بِحَالٍ؛ لأنه لا يَتَحَمَّلُ الجاني عنهم، فكذلك لا يَتَحَمَّلُونَ عنه.

قال في "البَيَانِ": والذي يقتضيه المَذْهَبُ أن يكون في عَتِيقِ العَتِيقِ القولان؛ لأن الجَانِي يَتَحَمَّلُ عنه.

الثانية: سيأتي في باب العِتقِ في فَصْلِ الوَلاَءِ أن من لم يَمَسُّهُ الرِّقُّ أَصْلاً، لكنه مَسَّ أباه، أو جَدَّهُ، أو أمَّهُ، فقد يثبت الوَلاَءُ عليه لمعتقهم، وأنه إذا كانت الأُمُّ عَتِيقَةَ، والأب رَقِيقٌ يثبت الوَلاَءُ على الولد المُعْتِقِ الأُمِّ، فإن أعتق الأبَ الحُرّ، ولاء الولد إلى مُعْتِقِ الأَب، ويحمل العقل إذا جَنَى يتفرع على ثبوت الوَلاَءِ، فمن له الوَلاَءُ، فهو الذي يتحمله فلَو جنى المتولِّدُ من عتيقةٍ وعتيق، فالوَلاَءُ لمولى الأب، وهم الذين يتحملون عنه ترجيحاً لجهة الإُبُوَّةِ، والمتولد من عَتِيقَةٍ ورَقِيقٍ إن قتل إِنْسَاناً، فالدِّيَةُ على موالي الأُمِّ، ولو جرح إنْسَاناً، فأعتق أَبُوهُ، ثم مات المجني عليه، فقدر أرْش الجراحة على مَوَالِي الأم، والبَاقِي يَجِبُ على الجَانِي؛ لأنه لا يمكن إيجابه على مُعْتِقِ الأُمِّ؛ لأنه خرج بِإِعْتَاقِ الأب عن اسْتِحْقَاقِ الوَلاَءِ، فلا يلزمه ما يَجِبُ بعد ذلك، ولا يمكن إيجَابُهُ على معتق الأب؛ لأنه وجب بِسَرَّيَةِ جِنَايَةٍ وُجِدَتْ قبل انجرار الوَلاَءِ إليه، فلا يلزمه


= المعتقون، فإن عجزوا هم وعواقلهم عقل فأبقى جماعة المسلمين وهذا صرح في ثبوته لهم في حياته ونص في الأم أيضاً على عصبة المعتق الدين عس دين العتيق يرثون العتيق وإن كان المعتق حياً فأثبت الشَّافعي لهم الولاء والميراث معه في حياة المعتق وهذا قد خالفه فيه القاضي الحسين وجعل المال لبيت المال انتهى. واستبعد الشيخ البلقيني ما قاله القاضي الحسين وتقدم في كتاب التنبيه على ذلك.
(١) وترجيح المنع خلاف نص الشَّافعي في كتبه فنص في الأم والمختصر والبويطي على أنَّه يتحمل ولا يرث. ولما ذكر الشيخ أبو حامد نص المختصر قال: الذي نص عليه الشَّافعي ههنا أنهم يتحملون.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: للفترة.

<<  <  ج: ص:  >  >>