للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحمله، ولا يمكن إيجابه من بيت المال؛ لأنه لم يَخْلُ عن المعتق، ووجد في الحالتين من هو أَوْلَى من بيت المال.

وأيضاً فالضَّرْبُ على العَاقِلَةِ على خلاف القياس، فسقط بالشُّبْهَةِ كالقِصَاصِ. هذا ما أجاب به ابْنُ الحَدَّادِ، وساعده الأَصْحَابُ والإمام، ولصاحب (١) الكتاب احْتِمَالٌ في الضَّرْبِ على بَيْتِ المال؛ لأنه إذا تَعَذَّرَ الضرب على المعتق كان كمن لا مُعْتِقَ له، إذا عرف ذَلك، فلو أوضح خَطَأً، ثم أعتق أبوه، ثم سَرَتِ المُوضِحَةُ إلى نفس المَجْنِي عليه، فَأَرْشُ المُوضِحَةِ، وهو نصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ على مُعْتِقِ الأم، وباقي الدِّيَةِ على معتق الأب.

ولو كانت الجِرَاحَةُ قَطعُ أُصْبُعٍ، والتصوير كما ذكرنا، فالوَاجِبُ على معتق الأم عُشْرُ الدِّيَةِ، ولو تأملت الجِرَاحَةُ فسقط الكَفُّ، ثم أعتق الأَب، ثم مات المَجْنِي عليه، فَنِصْفُ الدِّيَةِ على مُعْتِقِ الأُمِّ؛ لأن السِّرَايَةَ إلى اليَدِ حَصَلَتْ حين (٢) كان الوَلاَءُ له، فكانت كأصل الجِرَاحَةِ، والباقي على مُعْتِقِ الأب.

ولو قَطَعَ يَدَيْهِ، أو يديه ورِجْلَيهِ، ثم أَعْتَقَ الأب، ثم مات المَجنِي عليه، فَعَلَى معتق الأُمِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لأن الجرَاحَةَ حين كان الوَلاَءُ يُوجِبُ هذا القدر، والمعتبر ألا يزيد قَدْرُ الوَاجِبِ على مُعْتِقِ الأم بَالسِّرَايَةِ الحاصلة بعد الانْجِرَارِ.

وقوله في الكتاب: "وما زاد بسِرَايَةِ القَطْعِ بعد الجر على الجاني" [فيه بَيَانُ] (٣) أن السَّرَايَةَ قبل الجر على موالي الأُمِّ.

وقوله: "لأنه نتيجة جِنَايَةٍ قبل الجَرِّ ... " إلى آخره تَوْجيهٌ للوجوب على الجَانِي، والمعنى: أن الدِّيةَ لو لم تكن عليه، فإما أن تكون على موَالِي الأُمِّ، أو موالي الأب، أو في بيت المال، والأَقْسَامُ بَاطِلَةٌ، وقد مَرَّ ما تَوَجَّهَ به بُطْلاَنُ كل قسم عند (٤) ذِكْرِ ذلك القِسْمِ، ويمكن أن يُعْلَمَ قوله: "وما زاد بِسِرَايةٍ بعد الجَرِّ على الجاني" بالواو، لما سَنُبَيِّنُهُ، ثم للمسألة نَظَائِرُ منها:

المُتَوَلِّدُ بين عتيق ورقيق إذا حَفَرَ بِئْراً في محل عُدْوان، أو أشْرَعَ جَنَاحاً أو مِيزَاباً، ومات إنسان بهذه الأسْبَابِ تكون الدِّيَةُ على مَوَالِي الأُمِّ، وإن أعتق أَبُوهُ، ثم حصل الهَلاَكُ ببعض (٥) الأسْبَابِ تكَون الدِّيَةُ في ماله، ولو حفر العبد ثم عتق (٦)، ثم تَرَدَّى فيها إنسان أو رمى إلى صيد، فعتق، ثم أَصَابَ السَّهْمُ إنساناً تجب الدِّيةُ في مَالِهِ، ولو قطع يَدَ إنسان خطَأً، فأعتقه سَيِّدُهُ، ثم سَرَى إلى النفس، فالسيد بإعْتَاقِهِ يصير مُختَاراً للفداء،


(١) في ز: وصاحب.
(٢) في ز: حتى.
(٣) سقط من ز.
(٤) في ز: على.
(٥) في ز: بهذه.
(٦) في ز: أعتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>