للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أَجْهَضَتْ جَنِينَيْنِ وَجَبَتْ غُرَّتَانِ، ولو أجهضتْ حَيّاً وَمَيّتاً، ومات الحَيُّ، وجبت دِيَةٌ كَامِلَةٌ وغُرَّةٌ.

ولو ضرب بَطْنَ امرأة مَيِّتَةٍ، فانفصل منها جَنِينٌ ميت لم تَجِبِ الغُرَّةُ؛ لأن الظَّاهِرَ أن هَلَاكَهُ بِهِلاَكِ الأم. كذا قاله في "التهذيب".

وفي "جمع الجوامع" للروياني أن القاضي الطَّبَريُّ قال: يجب ضَمَانُ الجَنِينِ؛ لأن الجَنِينَ قد يبقى في جَوْفِ الأُمِّ حَيّاً، فالأَصْل بقاء (١) حَيَاتِهِ، ولا بَأسَ بما يَتَّفِق أَحْيَاناً من تَغْيِيِر تَرْتِيب المسائل لِحَاجَةِ الشرح، وسينتهي النَّاظِرُ إلى مقدم بتأخر، ويَظْفَرُ بمقصوده منه إذا لم يقَعْ إِهمَالٌ. وقوله: "بَعْدَ مَوْتِ الأُمِّ وَجَبَ" مُعْلَمٌ بالحاء والميم.

وقوله: "ولو على حَرَكَةِ المذبوحين" يجوز أن يُعْلَمَ بالزاي مع قوله: "وإن كان ذلك لما دُونَ ستة أَشْهُرٍ".

وكذا قوله: "وَجَبَ القِصَاصُ"؛ لأن الحكاية عنه أنه لا يَجِبُ القِصَاصُ أَيْضاً، وليعلم قوله: "وجبت الغُرَّةُ لِتَيَقُّنِ الجنين" بالميم؛ لما مَرَّ.

واعلم أن الضَّبْطَ الذي ذَكَرَهُ صاحب الكتاب لِلْمُوجِب يَشْتَمِل على لَفْظِ "الجنين"، فلو أَدْرَجَ فيه مَسَائِلَ الطرف الثاني، ولم يُفْردْهَا بترجمة لكان قَوِيماً.

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ أَجْهَضَتْ يَداً وَمَاتَتْ وَجَبَتْ غُرَّةٌ إِذَا تَيَقَّنَا وُجُودَ جَنِينِهَا، وَلَوْ أَلْقَتْ أَرْبَعَةَ أَيْدٍ وَرَأْسَيْنِ لَمْ يَزِدْ عَلَى غُرَّةٍ فَرُبَّ شَخْصٍ لَهُ رَأْسَانِ، وَلَوْ أَلْقَتْ بَدَنَيْنِ فَدِيَتَانِ إِذْ لاَ يُمْكِنُ البَدَنَانِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ ألْقَتْ يَدَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ جَنِينٌ حَيٌّ بِلاَ يَدَيْنِ فَدِيَةُ كامِلَةٌ لِلْيَدَيْنِ، وَإنْ كَانَ سَلِيمَ اليَدَيْنِ فَحُكُومَةٌ لَهُمَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذَا أَلْقَتِ المَرْأةُ بالجِنَايَةِ عليها يَدَاً أو رِجْلاً، ومَاتَتْ، ولم يَنْفَصِلِ الجَنِينُ بِتِمَامِهِ، فقد نَصَّ في "المختصر" على وُجُوبِ الغُرَّةِ؛ لأن العِلْمَ قد حَصَلَ بوجود الجَنِينِ، والغالب على الظَّنِّ أن يَدَهُ بَانَتْ بالجِنَايَةِ.

قال في "التتمة": وعلى الوجه الذي مَرَّ أنه يعتبر الانْفِصَالُ التَّامُّ لا تجب الغُرَّةُ، ولكن يجب نِصْفُهَا؛ لأن ضَمَانَ الجناية على (٢) الجملة.

وفي إِيرَادِ غيره ما يُشْعِرُ بأن الخِلاَفَ لا يَجِيءُ في هذه الصُّورَةِ، وإنما الخِلاَفُ


(١) لم يرجح شيئاً، والراجح ما قاله البغوي فقد ذكره الماوردي وادعى فيه الإجماع وما قاله القاضي أبو الطيب جزم به الروياني في البحر.
(٢) في ز: اليد نصف ضمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>