للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره، وقوله "وهي الإخراج" لا يمكن [حمله] على الإخراج من البيت أو الدارِ؛ لما ذكرنا أنه، لو كان في مسْجِدٍ أو شارع (١)، وعنده متاعٌ يلاحظُه، فتغفَّله إنسانٌ، وأخذ متاعه، يكون سارقاً، ويلزمه القطْع، وإن لم يُخرج من بيت ودار، ولكن أراد إخراجه عن أن يكون محرَّزاً بنقله عن موْضِع إحرازه، ولفظه في "الوسيط": وهي عبارةُ عن إبطال الحِرْز، ونقْل المال، يعني أن الأخذ في السرقة هكذا يكون، ثم إنه أودَعَ الغرَضَ في ثلاثة أطْرافٍ؛ إبطال الحرز، وكيفيَّة النقْل، والمحلّ المنقول إلَيْه.

أما الأوَّلُ؛ فإبطال الحرْزِ؛ وقد يكون بالنَّقْب وفتح الباب، وقد يكون بتغييبه عن نَظَر الملاحِظ، وفيه صورٌ:

إحداها: إذا نقب، ثم عاد، وأخرج النصاب في ليلة أخرَى، حكى القاضي ابن كج عن النَّصِّ؛ أنه، إن علم صاحبُ الحرْز بالنَّقْب، أو كان ظاهراً يراه الطارقون، وبقي كذلك، فلا قَطْع؛ لانهتاك الحرز، وإلا، فعن ابن سُرَيْج وغيره: أنه يُقْطَع، كما لو نقَب في أوَّل الليل، وأخْرَج المال من آخر، وعن غَيْره، أنه يُحْتمل أَلَّا يُقْطَع، لأَنَّه عاد بعْد انتهاك الحِرْز؛ فصار كما لو جاء غيره، وأخذ المال، فحَصَل وجهان، ولْيُصْرَف إليهما قولُه في الكتاب، و [في] "الوسيط": فالظاهر أنه يُقْطَع والخلافُ شبيه بالخلافِ فيما إذا أخرج [نصاباً] (٢) على دفعات.

ولو نقب واحدٌ ودخل [آخر] (٣) الحرْزَ، وأخرج المال، إما على الاتصال أو بعْده، فلا قَطْع على واحدٍ منهما؛ أما الأول؛ فلأنه لم يأخذ شيئاً.

وأما الثاني؛ فلأنه أخَذَ من حْرزٍ مهتوكٍ، ويجب على الأول ضمانُ الجدار (٤)، وعلى الثاني ضمانُ ما أخذ، ومِنَ الأصحاب مَنْ قال في وجوب القَطْع على الثاني الخلافُ الذي سَنْذكر فيما إذا نَقَب اثنان، وأخَذَ أحدهما المسروقَ، ووضعه على النقْب [فأخذه] الآخر، ووجْهُ الوجوب أَلاَّ يتخذ ذلك ذريعةً إلى إسقاط الحدِّ، والظاهر الأوَّل، وهو المذكور في الكتاب.

نعَمْ، لو كان في الدارِ حافظٌ قريبٌ من النقب، وهو يلاحِظُ المتاع، فالمال محرَّز به، فيجب الضمان على الآخر، وإن كان نائماً، فلا يكون المال محفوظاً به في أصحِّ الوجهين، كما ذكرنا فيمن نام في الدار، وبابُهُ مفتوحٌ، وليعلَمْ قوله "فلا قطْع عليهما" مع الواو بالحاء؛ لأن في النهاية أن أبا حنيفة يوجِبُ القطْع على الناقِبِ بعلة أنَّه رِدْءٌ وعون للسارق.


(١) في ز: تنازع.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: الحداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>