للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: إن تعاون شريكانِ علَى النقاب، وأخرَجا [نصابَيْن] (١)، إما بأن أخرج كلُّ واحدٍ نصاباً، أو حملا متاعاً يساوي نصابَيْن، [فعليهما] (٢) القطْع، وإن تعاونا على النقب، وانفرد أحدُهما بالإخراج، فالقطع على المُخْرج خاصَّةً، والآخر ليس بسارقٍ، قال الإِمام: ورأيْتُ في بعض التعاليق حكايةَ وجهَيْن في وجوب القطْع على المُخْرِج، وهو ضعيفٌ، وفي "جمع الجوامع" للقاضي الرويانيِّ: أنه، لو نقَب واحدٌ، ودخل مع آخر، وأخرجا المال معاً، فالقَطْع على من جمع بين النقْب والإخراج دون الآخر، وأن عند أبي حنيفة: إذا اشترك جماعةٌ في النقْب، وحمل أحدهم المالَ، فإن خَرَجُوا قبله أو بعده، ولم يصحبوه، لم يُقْطَعوا، وإن صحِبُوه، قُطِعوا؛ بناءً على أن رِدْءَ قاطعِ الطريق كالقاطِعِ.

ولو اشتركا في النقْب، ولم يُخرجا إلا نصاباً واحداً، فقد مرَّ أنه لا قطع على واحدٍ منهما، وإن أخرج أحدهما بعْد الاشتراك في النقْب ثلثاً وآخر سدساً، فالقطع على صاحب الثلثِ خاصَّة، وقد مر هذا من قبل وبيَّنَّا أن عن أبي حنيفة ما يقْتَضِي إعلامَ قوله "فلا قطع إلا عَلَى صاحب الثلث" بالحاء، وفيم يحْصُل به الاشتراك في النقب؟ فيه وجهان:

أحَدُهما: أنه لا يحْصُل حتى يأخذَا آلَةً واحدَةً، ويستعملاها معاً، كما لا [تَحْصُل الشركةُ] في قطع اليد إلا بأن يأخذَا حديدةً، ويتفقا على إمرارها.

وأظهرهما، وهو المذكور في الكتاب: أنه لا يُشْترط ذلك، بل تثبت الشركة، وإن أخذ هذا لَبنَاتٍ، وهذا لَبنَاتٍ؛ لأنه قد حصل التعاونُ على النقْب، والنقبُ ذريعة إلى المقصود؛ وليس هو سرقةٌ في نفْسه، فلا يُتَأَنَّق في تصويرها كما يُتَأَنَّق في تصويرِ القطع.

الثالثة: الشريكان في النقْب، إذا دخل أحدُهما، ووضَع المتاعَ قريباً من النقْب أو دَخَلَ أحدُ السارقَيْنِ، ووضعه قريباً من باب الحِرْز وأدخل الآخر يده، وأخذه فالقَطْع على الثاني الذي أخرجه من الحرْز، لا على الأوَّل، وكذا لو وقَفَ أحدُهما على طَرَف السطْح، ونزل الآخر، وجمع الثيابَ وربَطَهَا بحبْل، فرَفَعَها الواقفُ، فالقَطْع عليه، لا على الأول، وعليهما الضمان، ولو وضع الداخلُ المتاعَ خارجَ الحرْز أو الباب، وأخذه الآخَرُ، فالقطع على الذي أخرج دون الآخرِ، أو فأخذه المناقب فلا قطع على واحد منهما، ويجوز أن يُعْلَم لفظ "القَوْلَيْن" في الكتاب بالواو؛ لما ذكر الإِمام أن الصيدلانيِّ قطَع بنفيْ القطْع عنهما، والمشهورُ إثباتُ القولَيْن، وعن القاضي أبي حامِد: أنهما منصوصانِ في القديم، وذكر القاضي الرويانيُّ: أنه لو ناول الداخلُ الخارجَ في فمِ النقْب، لم يُقْطَع


(١) في ز: نصاباً.
(٢) في أ: فعليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>