للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الرامِي إذا لم يأخُذ ما رماه، ولا مُعِينُه، فيجوز أن يعلم لذلك قوله: "أو تركه" بالحاء مع الواو.

ولو أدخل يده في النَّقْب أو أدخل فيه محْجناً، وأخرج المتاع، قُطِع، وعند أبي حنيفة: لا يجب القطْع، إلا أن يكون ضيِّقاً لا يمكن الدُّخُول فيه، وسلَّم أنه لو أدخل اليدَ في الجوالِقِ فَسَرَقَ منه، يُقْطَع، ولو أرسل محْجَناً أو حَبْلاً في رأْسه كلاَّبٌ من السَّطْح، وأخرج به ثوباً أو آنيةً، قُطِع، وقد لا ينارعُ أبو حنيفة فيه، والمِحْجَن السَّوط المعقف الرأْس ونحوه.

الثانية: لو أتلف المالَ في الحِرْزِ بأكْلٍ أو إحراقٍ، لم يلزمْه القطْع، وقد سبق لهذا ذكْرٌ، ولو ابتلع في الحِرْز جوهرةً أو دينَاراً، فعن الشيخ أبي حامدٍ وابن الصَّبَّاغ وغيرهما: أنه إن لَمْ يَخْرُج منه، فلا قطْع؛ لأنه استهلكها في الحرْز، فأشبه ما إذا أكَل الطَّعَام، وإن خرجَتْ منه، فوجهانِ:

أحدهما: يجب القطع؛ لأنَّها باقيةٌ بحالها غيْر فاسدةٍ، فأشبه ما إذا أخرجها في فيه، أو في وعاءٍ.

والثاني: لا يجب؛ لأنه بالابتلاع صار في حُكْم المستهلك؛ ألا ترى أن للمالك أن يُطَالِب بالقيمة في الحال؟ وأيضاً، فإنه كالمُكْرَهِ في إخراجه؛ لأنه يلزمه الخروج، ولا يمكنه إخراجُه من جَوْفه، وهذا أصحُّ فيما ذكر المحامليُّ، ولو وضع المتاع على وسط النقْب، [فأخذه] الآخر، وأخرجه، وهو يساوي نصابَيْن، ففيه قولان:

أحدهما، ويُنْسب إلى رواية الحارث (١) بن سُرَيْج البقال: أنه يجب القطْع عليهما؛ لأنهما اشتركا في النقب، وتعاونا على الإخراج؛ فأشبه ما إذا أخرجا معاً، وأيضاً، فلئلا (٢) يُجْعَل ذلك ذريعةً إلى إسقاط القطع.

وأصحُّهما، وهو رواية الربيع والمزنيِّ: أنه لا قطْع على واحدٍ منهما؛ لأنهما تفرَّقا في الإخراج، ولم يوجَدْ في واحدٍ منهما الإخراجُ من تمام الحرْز، فصار كما لو نقب أحدُهما، ودخَل، ووضعَ المتاع على وَسْط النقب، [فأخذه] الآخر، أو دَخَلَ غير المناقب، ووضَعَه عليه، قال الماوردي: وذكر أبو العَيَّاض وجْهاً: أنَّها إن خرَجَتْ بدواءٍ وعلاجٍ، لم يُقْطع، وإن خرجَتْ عفواً بغَيْر دواءٍ وعلاجٍ، قطِع، فيصير وجْهاً رابعاً، وطائفةً والأول أصحُّ عند الإِمام والرويانيِّ.

وأطلق مطلقون الوجهَيْن، ولم يقيدوا بما إذا خرجَتْ فنَزَّل بعضهم المطلَقَ على


(١) في ز: الحرث.
(٢) في ز: قليلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>