للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهرهما: أنهم قُطَّاعٌ -وبه قَالَ القَفَّالُ- وهو المذكور في "التهذيب"؛ لأن المَنْعَ من الاسْتِغَاثَةِ كَالبُعْدِ عن محلِّ الغَوْثِ في التَّغَلُّبِ، واعتماد القوة.

والثاني: المنع؛ لأنهم يَتَبَادَرُونَ خَوْفًا من الشعور بهم، ثم يعتمدون [البَرَارِي] (١)؛ لأن الطَّلَبَ يلحقهم.

وعلى هذا فَحِكَايَةُ الإِمام عن بعض الأَصْحَابِ أنهم سُرَّاقٌ، وهذا ما أَوْرَدَهُ صاحب الكتاب مع الوَجْهِ الذي [قدمنا (٢) قال: "ولا يبعد أن يُجْعَلُوا مُخْتَلِسِينَ لمجاهرتهم بفعلهم" [و] هذا ما يشعر به كلام الرُّوَيانِيِّ وغيره إذا لم نجعلهم قُطّاعًا.

هذا هو الفِقْهُ في الصفتين، وقد يقال: يمكن إدراج (٣) الصفة الثانية في الأُولى، فإن الخروج والتَّعَرُّضَ إن كان في العُمْرَانِ، والغَوْثُ مُتَوَّقَعٌ (٤) فلا شَوْكَةَ، ولذلك قال في الكتاب: "لأنه على قرب العُمْرانِ يعتمد [على] الهَرَبِ دون الشَّوْكَةِ.

وإن لم يكن الغَوْثُ مُتَوَّقعًا، والشوكة حَاصِلَةٌ، فهم قَاطِعُو طريقٍ.

قال الغَزَالِيُّ: (الطَّرَفُ الثَّانِي فِي العُقُوَبَةِ) فَإِنْ اَقْتَصَرَ القَاطِعُ عَلَى أَخْذِ نِصَابٍ فَيُقْطَعُ يَدُهُ اليُمْنَى وَرِجْلُهُ اليُسْرَى، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتِ اليَدُ اليُسْرَى وَالرِّجْلُ اليُمْنَى، وَلاَ يُقْطَعُ فِيمَا دُونَ النِّصابِ، وَسَوَاءٌ كَانَ النِّصَابُ لِواحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةِ الرُّفْقَةِ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى القَتْلِ المُجَرَّدِ فَيَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ، وَلَو اقْتَصَرَ عَلَى الإِرْعَاب وَكَانَ رِدَاءً فَلاَ يَجِبُ (ح) إِلاَّ التَّعْزِيرُ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الأَخْذِ وَالقَتْلِ لَمْ يُقْطَعْ لَكِنْ يُقْتَلْ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى (ح وم) عَلَيْهِ ثُمَّ يُصْلَبُ وُيُتْرَكُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ عَلَى قَوْلٍ، وَعَلَى قَوْلٍ حَتَّى يَتَهَرَّى، وَفِيهِ وَجْهٌ أنَّهُ يُصْلَبُ ثُمَّ يُقْتَل بِتَرْكِهِ جَائِعًا عَلَى وَجْهٍ، وَبِجِرَاحَةٍ مُذَفَّفَةٍ عَلَى وَجْهٍ ثُمَّ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيهِ بَعْدَ اسْتِنْزَالِهِ، وَأَمَّا النَّفْيُ فَغَيْرُ مَقصُودٍ، وَلَكِنْ إِنْ هَرَبُوا شَرَّدْنَاهُمْ في البِلاَدِ بِالاتِّبَاعِ، وَقِيلَ: هِيَ عُقوبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِيمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الإِرْعَابِ فَيُنْفَى إِلَى بَلَدٍ ثُمَّ يُقَرَّرُ بِهَا أَو يُحْبَسُ، وَقِيلَ: يُقْتَصَرُ عَلَى النَّفْيِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا عَلِمَ الإمَامُ من رَجُلٍ، أو من جماعة أنهم يَرْتَصِدُونَ (٥) الرُّفْقَةَ، ويُخِيفُونَ السَّبِيلَ، ولم يأخذوا بَعْدُ مَالًا، ولا قَتَلُوا نَفْسًا، فينبغي للإمام أن يَطْلُبَهُمْ، وُيعَذِّرَهُمْ بالحَبْسِ وغيره، وهذا كما أنه يُعَزِّرُ على مُقَدِّمَاتِ [الزِّنَا والشرب] (٦).


(١) في أ: البوادي.
(٢) في أ: تقدم.
(٣) في ز: إدخال.
(٤) في ز: يتوقع.
(٥) في ز: يوصدون.
(٦) في ز: الزنا والنشوز والسرقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>