للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحَارَبَةِ، ثم قتله في المُحَارَبَةِ، وسيأتي ذلك في الفَرْعِ الذي يَلِي هذا الفَرْعِ.

وإن قلنا: يَتَحَتَّمُ، فيقطع ثم يقتل، ولو قَطَعَ يَدَ إنسان في المُحَارَبَةِ، وأَخَذَ المَالَ، نظر إن قطع يَمِينَهُ فإن قلنا: [لا] (١) يَتَحتم، وعَفَا أَخَذَ دِيَة اليَدِ، وقطعنا يَمِينَ المُحَارِبِ وَرِجْلَهُ اليسرى حَدًّا، وإن لم يَعْفُ أو قلنا بالتحتم قُطِعَتْ يمينه بالقِصَاصِ، وتقطع رِجْلُهُ حَدًّا، كما لو قطع الطريق ولا يَمِين له.

وإن قطع يساره فإن قلنا: لا يتحتم، وعَفَا، أخذ الدِّية، وقطعت يده اليمنى، ورِجْلُهُ اليُسْرَى، وإن لم يَعْفُ أو قلنا بالتحتم قُطِعَتْ يساره، ويؤخر قَطْعُ اليمين والرجل اليُسْرَى إلى انْدِمَالِ اليَسَارِ ولا نوالي بين عُقُوبَتَيْنِ.

وقوله: "والثاني أنه يوالي" في الفَرْعِ الثاني إلى آخر الفَرْعِ، يوالي على قاطع الطريق بين قَطْعِ اليد والرجل، فإن قَطْعَهُمَا جميعًا عُقَوبَةٌ واحدة كالجلدات (٢) في الحَدِّ الواحد، وإن كان مَقْطُوعَ اليمين، قُطِعَتْ رِجْلُهُ اليسرى، ولا تجعل اليَدُ اليُسْرَى بَدَلًا عن اليمنى كالسَّارِقِ [فإن] كانت يَدُهُ نَاقِصَةَ بإصبع (٣) تُقْطَعُ يَدُهُ النَّاقِصَةُ، ولا تُقْطَعُ رجله، ويكتفي بما بقي من مَحَلِّ الحَدِّ، وإن كان مَفقُودَ اليَدِ اليمنى، والرِّجْلِ اليسرى، فحينئذ تُقْطَعُ يده اليسرى، ورِجْلُهُ اليمنى.

ولو قطع يَسَارَ إنسان واستحقت يَسَارُهُ قِصَاصًا، وسرق تُقْطَعُ يَسَارُهُ قصاصًا، ويُمْهَلُ إلى الاندمال، ثم تُقْطَعُ يمينه عن السَّرِقَةِ، ولا يوالي بينهما، فإنهما عُقُوبَتَانِ مختلفتان، وُيقَدَّمُ القِصَاصُ؛ لأنه حَقُّ آدَمِيِّ، والعقوبة التي هي حَقُّ الآدمي آكد من العُقُوبَةِ التي هي حَقُّ الله -تعالى- لأنها تسقط بما لا تَسْقُطُ به عقوبة الآدميين، فقدم الآكد وكذلك فَارَقَتِ العُقُوبَاتُ الحُقُوقَ المالية، حيث تَرَدَّدَتِ الأَقْوَالُ في أنه يُقَدَّمُ حق الله -تعالى- أو حَقّ الآدمي، أو يستويان؛ لأنهما اسْتَوَيَا في التَّأَكُّدِ، وَعَدَمِ السقوط بالشبهات (٤) وتعارض فيهما حاجة الآدمي، والتَّأَكُّد بالإضافة إلى الله -تعالى- ومصرفه الآدَمِيّ أيضًا، فَتَرَدَّدَ القَوْلُ فيها. هكذا ذكر الفرق الإمَامُ وغيره.

ولو وجب قَطْعُ اليد اليمنى، والرجل اليُسْرَى بقطع الطَّرِيقِ، وقطع اليد اليسرى بالقِصَاصِ، فكذلك يُقَدَّمُ قَطْعُ اليسرى قِصَاصًا، ثم تُمْهَلُ إلى الاندمال، ثم يقطع العضوان (٥) لِقَطْعِ الطريق.

ولو قَطَعَ يَمِينَ إنْسَانٍ، واستحقَّتْ يَمِينُهُ قِصَاصًا، وقطع الطريق فإن عَفَا مُسْتَحِقُّ


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: كالحدان.
(٣) في ز: صنع.
(٤) في ز: فالشهار.
(٥) في ز: العضو.

<<  <  ج: ص:  >  >>