للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرَّابعُ): مَا أُمِرَ بِقَتْلِهِ كَالْفَوَاسِقِ الخَمْسِ، وَهِيَ الغُرَابُ وَالحِدَأَةُ وَالعقْرَبُ وَالْحَيَّةُ وَالفَأْرَةُ، وَفِي مَعْنَى الخَمْس كُلُّ سَبعُ ضَارٍ كَالذِّئْبَ وَالأَسَدَ وَالفَهْدِ وَالنَّمِرِ، وَالنَّعَامَةُ تُلْحَقُ بِالحِدَأَةِ، وَالغُرَابُ الأَبْقَعُ حَرَامٌ، وَفِي الأَسْوَدِ الكَبِيرِ تَرَدُّدٌ، وَأَمَّا غُرَابُ الزَّرْعِ وَمِنْهَا حُمُرُ المَنَاقِيرِ وَالأَرْجُلِ فَالأَظْهَرُ حِلُّهَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قال صاحبُ "التلخيص" وساعده الأصحاب: ما أُمِرَ بقتله من الحيوان فهو حرامٌ؛ والسبب فيه أن الأمر بقتله إسقاط لحرمته ومنعٌ من اقتنائه، ولو كان ماكولاً، لجاز اقتناؤه؛ للتسمين وإعداده للأكل، فمِن ذلك الفواسق الخمس؛ رُوِيَ عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ، وَالْغُرَابُ، الأَبْقَعُ والكَلْبُ وَالْحِدَأَةُ" (١) ويُرْوَى تقييد الكَلْب بالعقور، وفي رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- بدل الغراب "العقرب" وفسر الفواسق في الكتاب بالغراب والحِدأة والحيَّة والفأرة، والعقرب، ولا شك أن التحريمَ شاملٌ لجميعها، وفي معناها كل سبع ضرٍ، وفي بعض الروايات أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَكُلُّ سبعٍ عادٍ" وهذا الأصل يقتضي أيضاً تحريم الأسد والذئب والفَهِد والنَمر، وقد يجتمع في الشيء الواحد سببان أو أسباب؛ تقتضي التحريم، ثم في الفصل صورتان:

إحداهما: البَغاثة (٢) محرَّمة؛ كالحِدأة، وهي طائرٌ أبيضُ بطيْء الطيران أصغر من الحِدأة؛ ولذلك تحرم الرَّخَمة (٣)؛ وذلك لخبث غِذَائها، وقد رُوِيَ عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنْ أكْلِ الرَّخَمَة" (٤).


(١) متفق عليه، قد تقدم في الحج في باب محرمات الإِحرام.
(٢) مفرد بغاث مثل نعامة ونعام، وبغاث الطير شرارها وما لا يعيد منها ينظر: حياة الحيوان ١/ ٣٣٣.
(٣) بالتحريك طانر أبقع يشبه النسر في الخلقة وكنيتها أم جعران وأم رسالة وأم عجيبة وأم قيس وأم كبير ويقال لها الأنوق والجمع رخم والهاء فيه للجنس.
(وحكمها) تحريم الأكل.
روى البيهقي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل الرخمة وإسناده ليس بالقوي وقال الإِمام العلامة القرطبي في تفسير آخر سورة الأحزاب كالذين آذوا موسى بقولهم إنه قتل أخاه هرون فتكلمت الملائكة بموته ولم يعرف موضع قبره إلا الرحمة فلذلك جعله الله أصم أبكم وكذلك رواه الحاكم في المستدرك وفي كتاب تواريخ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقال الزمخشري أنها تقول في صياحها سبحان ربي الأعلى ينظر: حياة الحيوان ١/ ٣٣٣.
(٤) رواه ابن عدي [٣/ ٩٢٤] والبيهقي (٩/ ٣١٧) وفي إسناده خارجة بن مصعب، وهو ضعيف جداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>