الثانية: الغُراب، وهو أنواعٌ:
منها: الأبقع، وهو فاسق محرَّم بلا خلاف، ومنها الأسود الكبير، وفيه وجهان:
أحدهما: لا يَحْرُم؛ للتقييد في بعض الروايات بالأبقع.
وأصحُّهما: وقطع به قاطعون: أنه حرام؛ لأنه يأكل الميتة، وهو من المستخبثات، وقد يُقَال لهذا الغراب الغُدَافُ الكبيرُ، وأيضاً الغُرابُ الجَبَلِيُّ؛ لأنه يسكن الجبالَ.
ومنها: غُراب الزرْع، وهو أسْود صغيرٌ، ويُقَال له: الزاغ، وقد يكونُ مُحْمَرَّ المنقار والرجلَيْن، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه حرامٌ؛ لأنه من جنْس الغربان.
وأصحهما: الحِلُّ، وبه قال أبو حنيفةَ؛ لأنه مستطاب يأكل الزرع، فأشبه الفَوَاخِتَ.
ومنها: غرابٌ آخر صغيرٌ أسودُ أو رماديُّ اللون، وقد يُقال له: الغداف الصغيرُ، وفيه وجهان كالوجهين في النوع الذي قبله، وأجرى الوجهان في العَقْعَق (١)، لكن في "التهذيب" الأصح أنه حرام، وبه قال أبو عبد الله البوشنجيُّ، وهذا ما أورده القاضي الرويانيُّ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الخَامِسُ): ماَ نُهَيَ عَنْ قَتْلِهِ كَالخُطَّافِ وَالصُّرَدِ وَالنَّملَةِ وَالنَّحْل، وَفِي الهُدْهُدِ تَردُّدٌ، وَالأَظْهَرُ أَنَّ اللَّقْلَقَ حَلاَلٌ كَالكُرْكِيِّ وَكُلُّ ذَاتِ طَوْقٍ فَحَلاَلٌ، وَاسْمُ الحَمَامِ يَشْمَلُ الفَوَاخِتَ وَالقَمَارِيَّ، وَمَا عَلَى شَكْلِ العُصْفُورِ فَحَلاَلٌ وَإِنِ اخْتَلَفَ أَلْوَانُهَا كَالزُّرْزُورِ وَالصَّعْوَةِ وَأَشْبَاهِهَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه ثلاث مسائل:
إحداها: ذكر صاحبُ "التلخيصِ" وغيره؛ أن ما ورد النهيُ عن قتله، فهو حرام؛ وذلك لأنه لو كان مأكولاً، لجاز ذبحه؛ ليؤكل، فمِمَّا نهى عن قتله الخُطَّافِ، رُوِيَ أن
(١) وهو طائر على قدر الحمامة وهو على شكل الغراب وجناحاه أكبر من جناحي الحمامة وهو ذو لونين أبيض وأسود طويل الذنب ويقال له القعقع أيضاً وهو لا يأوي تحت سقف ولا يستظلّ به بل يهيئ وكره في المواضع المشرفة وفي طبعه الزنا والخيانة ويوصف بالسرقة والخبث والعرب تضرب به المثل في جميع ذلك اختلفوا في سبب تسميته عقعقاً فقال الجاحظ لأنه يعق فراخه فيتركهم بلا طعام وبهذا يظهر أنه نوع من الغربان لأن جميعها يفعل ذلك وقيل اشتق له هذا الاسم من صوته ينظر: حياة الحيوان ٢/ ١٧٦.