قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفصل الثاني: في حكم المناضلة جوازاً ولزومًا وفي كونها جائزةً أو لازمةً قولان كما سبق في "المسابقة" وقوله: "وأمَّا حكم هذا العقد" يعني فيما يرجع إلى الجواز واللزوم، وإلا، فالكلام في ذوات النظر.
الثاني: في حكم هذا العقد، وإن قلنا: إنه يلزم، فينفسخ بموت كل واحد من المتراميين، وينزل موت الرامي منزلة الأجير المعيَّن، ولو مَرِضَ أحدهما أو أصابه رمدٌ، لم ينفسخ العقد، ولكن يُؤَخَّر الرمي، وفي المسابقة يَحْصُل الانفساخ بموت الفرس؛ لأن التعويل فيها على الفرس، ولا يَحْصُل بموت الفارس، بل يقوم الوارث مقامه، وأبدى فيه احتمال آخر؛ لأن للفارس في العقد أثراً ظاهرًا، وإلزام الوارث عمل المسابقة كالمستبعد، ولا يجوزُ لهما إلحاق الزيادة بعدد الأرشاق ولا عدد الإصابات، وطريقُها: إن أراد، ذلك أن يَفْسَخَا العقدَ ويستأنفا آخر، وليس للمناضل أن يترك النضال، ويجلس، بل يُؤْمَر به، ويلزم كمن استُؤْجِرَ لبناءٍ أو خياطةٍ، وامتنع، ويُشْرَع فيه الحبس والتعزير هذا إذا كان مفضولاً أو كان (١) له الفضل، وتوقع صاحبه أن يدركه، فيساويه أو يفضله، أما إذا لم يتوقع الإِدراك، كما إذا شرطا إصابة خمسة من عشرين، فأصاب أحدُهُما خمسة، والآخر واحَداً، ولم يبق لكل واحد إلا رميتان، فلصاحب الخمسة أن يجلس ويترك الباقي، وإن قلْنا: بالجواز يفرَّع عليه مسألتان:
إحداهما: يجوزُ إلحاقُ الزيادة بعدد الأرشاق والإِصابات، وفي المال بالتراضي، وفيه وجهٌ بعيدٌ تخريجًا من الخلاف في جواز إلحاق الزيادة بالثمن والمثمن في زمان الخيار ومكانه، وهل يَسْتبد أحدهما بالزيادة؟ وحَكَى الإِمام فيه ثلاثةَ أوجهٍ، وتابعه المصنِّفُ:
أحدها: لا، تخريجاً على أنه لا بدّ في العقْد من القول، وإن جُعِلَ كالجعالة، وإذا شرطنا القبول في ابتداء العقْد، وجب اشتراطه في الزيادة.
وأظهرها: نعم، لجواز العقد، فإذا لم يرض صاحبه بالزيادة، فليفسخ.
وثالثُها: أنه ليس للمفضول إلحاقُ الزيادة، كيلا يتخذ ذلك ذريعةً إلى الدفْع، فلا يتم النضال، وان كان فاضلاً أو مساوياً، فله ذلك، وبم يصير مفضولاً؟ قيل: متى زاد صاحبهُ لإصابة واحدةٍ، فهو مفضول، والأشبه أنه لا تكفي الإِصابة الواحدة والإِصابات،