للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عازب -رضي الله عنه- أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمَرَ بِسَبْعٍ بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، واتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشَمِيتِ الْعَاطِسِ، وَرَدِّ السَّلامِ، وإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِبْرارِ الْقَسَم، وَنَصْرِ المَظْلُوَم" (١) فإن لم يفعل، وحنث الحالف، لزمته الكفَّارة، وعن أحمد -رحمه الله- أن الكفارة تكون على المُقْسَم عليه، وإن أطلق اللفظ ولم يقصد شيئاً، فهو محمولٌ على المناشدة (٢).

الرابعة: يجوز تعقيب اليمين بكلمة الاستثناء، وهي "إن شَاءَ الله" رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "وَاللهِ، لأغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلاَثاً"، ثم قال في الثالثة "إِنْ شَاءَ اللهُ" (٣) وإذا عقب اليمين بها, لم يَحْنَثْ بالفعل المحلوف عليه، ولم تلزمه الكفَّارة، لما رُوِيَ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللهُ، لَمْ يَحْنَثْ" (٤) لأنه علَّق الفعل على مشيئة الله تعالى، وهي غير معلومة، وهل نقول: اليمين منعقدة؟ منْهم من قال: نعم، لكن المشيئة غير معلومة، فلا يحكم بالحنث، وهكذا نقَلَ القاضي الرويانيُّ -رحمه الله- ومنْهم مَنْ يطلق القول بأنها غيْر منعقدةٍ، وهكذا نقل صاحِبُ "التهذيب".

ويُشترط أن يتلفَّظ بكلمة الاستثناء، فلو نوى بقلبه "إن شاء الله" لم تغنه نيته، ولم يندفع الحنث والكفارة، وأن يكون قاصدًا إلى التلفُّظ بها، فلو سبق لسانُه إليها عن غير قصد، لم يعتد بها، ووجه بأنَّ اليمين من أصلها يعتبر فيها القصدُ، فكذلك يعتبر في


(١) متفق عليه أخرجه البخاري [١٢٣٩ - ٢٤٤٥ - ٥١٧٥ - ٥٦٣٥ - ٥٦٥٠ - ٥٨٣٨ - ٥٨٤٩ - ٥٨٦٣ - ٦٢٢٢ - ٦٢٣٥ - ٦٦٥٤، مسلم ٢٠٦٦] وقد تقدم في السير.
(٢) قال النووي: يسن إبرار المقسم، كما ذكر للحديث الصحيح فيه، وهذا إذا لم يكن في الإِبرار مفسدة، بأن تضمن ارتكاب محرم، أو مكروه. ويكره السؤال بوجه الله ورد من سأل به؛ للحديث المعروف فيهما.
(٣) تقدم.
(٤) رواه الترمذي [١٥٣١ - ١٥٣٢] واللفظ له، والنسائي [٧/ ٢٥] وابن ماجه [٢١٠٤ - ٢١٠٥ - ٢١٠٦] وابن حبان، [١١٨٣ موارد] من حديث عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً بهذا، قال البخاري فيما حكاه الترمذي: أخطأ فيه عبد الرزاق، اختصره من حديث: إن سليمان بن داود قال: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، الحديث وفيه: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وهو عنده بهذا الإِسناد، قلت هو في الصحيحين بتمامة، وله طريق أخرى رواها الشَّافعي وأحمد وأصحاب السنن، وابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر بلفظ: من حلف فاستثنى، فإن شاء مضى، وإن شاء ترك من غير حنث. لفظ النسائي. ولفظ الترمذي: فقال إن شاء الله فلا حنث عليه، ولفظ الباقين: فقد استثنى، قاله الترمذي: لا نعلم أحداً رفعه غير أيوب السختياني، وقال ابن علية: كان أيوب تارة يرفعه، وتارة لا يرفعه، قال: ورواه مالك وعبيد الله بن عمر وغير واحد موقوفًا قلت: هو في الموطإ كما قال، وقال البيهقي: لا يصح رفعه إلا عن أيوب، مع أنه يشك فيه، وقد تابعه على رفعه العمري عبد الله، وموسى بن عقبة، وكثير بن فرقد، وأيوب بن موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>