للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ اللهَ لاَ يُقَدِّسُ أمَّةً لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَأْخُذُ للِضَّعِيفِ حَقَّهُ" (١).

ويجوز أن يوضع على لَفْظ المسألة من الكتاب واو, لأن بعض الأصحاب فيما حَكَى القاضي ابن كج ذهب إلى أن القضاء مكروهٌ؛ احتجاجاً بالأحاديث المُحَذَّرةِ في الباب.

كما روي أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ جُعِلَ قَاضِيَاً، فَقَدْ ذُبحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ" (٢).

وروي أنه قال: "يُجَاءُ بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَومَ القِيَامَةِ، فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَاب مَا يَتَمَنَّى أَنَّه لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ قَطُّ" (٣) ومن قال بظاهر المذهب قال: المقصود من التحذير بيانُ خطره، وأن من اسْتُقضِيَ، فقد حُمِلَ على أمر تام الوقْع، فإن جَارَ فيه هَلَك، وإن عدَل فاز بخير كثير، وهكذا يكون تبيانُ الأمورِ الخطيرة، وأيضاً، فإنَّ من الناس من يكره له القضاء، أو يحرم على ما سنبين من التفصيل، فليحمل التحذيرات


(١) رواه ابن خزيمة وابن ماجة [٤٠١٠] ابن حبان [١٥٥٤ - ٢٥٨٤] من حديث جابر بلفظ: كيف تقدس أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم، وفيه قصة، وفي الباب عن بريدة رواه البيهقي [١٠/ ٩٤] وعن أبي سعيد رواه ابن ماجه، وعن قابوس بن المخارق عن أبيه رواه الطبراني وابن قانع، وعن خولة غير منسوبة يقال إنها امرأة حمزة، رواه الطبراني وأبو نعيم، وروى الحاكم [٢/ ٢٥٦] والبيهقي [١٠/ ٩٦] من حديث عثمان بن جبلة عن سماك عن شيخ، عن أبي سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب رفعه: إن الله لا يقدس أمة لا تأخذ للضعيف من القوي حقه، وهو غير متعتع، ورواه الحاكم من حديث شعبة عن سماك عن عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث به في قصة، قال البيهقي: المرسل أصح، وقال الحاكم: الموصول صحيح، والمرسل مفسر لاسم المبهم الذي في الموصول، هذا معنى كلامه، وفيه نظر.
(٢) رواه أصحاب السنن أبو داود [٣٥٧١ - ٣٥٦٢] الترمذي وابن ماجه [٢٣٠٨] رواه أحمد [٢/ ٢٣٠ - ٣٦٥] والحاكم [٤/ ١٩] والبيهقي [١٠/ ٩٦] من حديث أبي هريرة، وله طرق، وأعله ابن الجوزي فقال: هذا حديث لا يصح، وليس كما قال، وكفاه قوة تخريج النسائي له، وذكر الدارقطني الخلاف فيه على سعيد المقبري، قال: والمحفوظ عن سعيد المقبري عن أبي هريرة (تنبيه): قال ابن الصلاح: معناه ذبح من حيث المعنى، لأنه بين عذاب الدنيا إن رشد، وبين عذاب الآخرة إن فسد، وقال الخطابي ومن تبعه: إنما عدل عن الذبح بالسكين ليعلم أن المراد ما يخاف من هلاك دينه، دون بدنه، والثاني أن الذبح بالسكين يريح، وبغيرها كالخنق وغيره يكون الألم فيه أكثر، فذكر ليكون أبلغ في التحذير، ومن الناس من فتن بمحبة القضاء فأخرجه عما يتبادر إليه الفهم من سياقه، فقال: إنما قال ذبح بغير سكين ليشير إلى الرفق به، ولو ذبح بالسكين لكان أشق عليه، ولا يخفى فساد هذا.
(٣) رواه أحمد [٦/ ٧٥] والعقيلي [٣/ ٢٩٨] ابن حبان والبيهقي [١٠/ ٩٦] من حديث عائشة قال العقيلي: عمران بن حطان الراوي عن عائشة لا يتابع عليه، ولا يتبين لي سماعه عنها، قلت: وقع في رواية الإِمام أحمد من طريقه، قال: دخلت على عائشة فذكرتها، حتى ذكرنا القاضي فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>