للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابقين في الغائب. وقوله: "فإن قُلْنا: لا يُطْلَقُ فَيُراقَبُ ولا يخلَّى، ولا يُحْبَسُ إلى أن يَحْضُرَ خَصْمُه" هذا لم يذكره في "الوسيط" هاهنا، وإنما ذكره فيما إذا قال: لا أدْرِي، لِمَ حُبِسْتُ؟ على ما بيَّنَّاه والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيّ: وإِذا فَرِغَ مِنَ المَحْبُوسِينَ نَظَرَ فِي الأَوْصِياءِ وَمالِ الأَطْفالِ إِذْ لا رَافِعَ لِوَقائِعِهِمْ إِلَيهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا فرغ القاضي من المحبوسين، نظر في حال الأوصياء؛ لأن الوصيَّ يتصَّرف في حقِّ من لا يمكنه المرافعة والمطالبة، كالأطفال، وأصحاب الجهات العامة، وإذا حضر من يزعم: أنَّهُ وصيٌّ بفحص القاضي عن شيئَيْنِ:

أحدهما: أصل الوصاية، فإن أقام بيَّنَةً على أنَّ القاضي المصْرُوف نَفَّذ وصايته، وأطلق تَصَرُّفَه، قرره، ولم يَعْزِلْه، نعم، إذا طرأ فِسْقٌ وانعزالٌ فيُنْزَعُ المال منه، وإن شك في عدالته فوجهان (١). قال الإِصطخريُّ: يقرر المال في يده؛ لأن الظاهر الأمانة، وقال أبو إسحاق: ينزعه حتى يتحقق عدالته وإن وجده ضعيفًا، أو كان المال كثيرًا لا يمكنه القيام بحفْظِه والتصرُّف فيه، ضم القاضي إليه من يعينه.

والثاني: تصرفه في المال فإن قال: فرقت ما أوصى بِهِ، نُظِرَ إن كانَتِ الوصيَّةُ لمُعَيَّنَيْنِ، لم يتعرض له؛ لأنهم يطالَبُون لَوْ لَمْ يصل إليهم، وإن كانت لجهةٍ عامَّةٍ فإن كان عَدْلاً، أمضى تَصَرُّفَه، ولم يَضْمَنْه، وإن كان فاسقًا، ضمنه؛ لتعديه، بالتفريق لا عن ولاية (٢) ولو أن غير الوصي فرق الثُّلُث الموصى به، خوفًا عليه من أن يضيع، نُظِرَ:


(١) لم يفصح الشيخ بترجيح، قال في القوت: الأقرب إلى كلام الشيخين بل هو ظاهر كلام الجمهور عدم الانتزاع، قال: ولك أن تسأل عن صورة المسألة هل هي فيما إذا قامت بينة عنده بأصل الوصية ثم بعدالة الوصي من غير أن يتقدم لغيره من الحكام نظر في ذلك بتنفيذ أو غيره ونفي عنده من البينة شك أم هي فيما إذا نفذ غيره الوصية، والذي قاله البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما أنه لو أقام الوصي بينة أن القاضي المنصرف نفذ وصيته وأطلق تصرفه في المال لم يكن للثاني التعرض له ويمضيه على ما ثبت عنده من حكم الأول لأن الظاهر أن الأول لم ينفذ إلا بعد ثبوت أهليته نعم تراعيه فإن تغير حاله من الأحوال الثلاثة عامله بما ذكرناه، ولعل صورة المسألة فيما إذا طرأ عليه الشك في عدالته بعد ظهورها له على كلا التقديرين إلى آخر ما ذكره، وقوله من الأحوال الثلاثة أشار به إلى أحوال قدمها في القوت فلا يطيل بذكرها.
(٢) قال الشيخ البلقيني في كلامه فيما إذا كانت الوصية لمعنيين نظر، فإنه إذا كانت لمعنيين لكن فوض التساوي والتفضيل إلى اجتهاد الوصي وكان فاسقًا فينبغي أن يضمنه لأنه تعدى بالتفريق بغير ولاية صحيحة، وقال في الخادم مقتضى قوله يعني الرافعي أمضاه أنه لا يطالب بحسابه، وقال القاضي الحسين في تعليقه: القاضي بالخيار إن شاء حاسبه وإن شاء تركه.
قال صاحب الخادم: ويشبه أنه خيار اجتهاد لا خيار شهوة، قال وأطلق القول بتضمين الفاسق وفصل الماوردي بأن يكون فسقه خفيًا يفتقد إلى اجتهاد فينفذ تصرفه ولا يضمن إلا بالتعدي ما لم =

<<  <  ج: ص:  >  >>