للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بالمفهوم، والمانعون لا يقولون به فضلاً عن مفهوم العدد.
ويرد على قولهم أَنَّ الزيادة نسخ، وأخبار الآحاد لا تنسخ المتواتر. أن النسخ رفع الحكم ولا رفع هنا؛ لأن الذي ثبت بالأخبار حكم سكت عنه الكتاب قبيلة السنة، وأيضاً فإنَّ الناسخ والمنسوخ لا بد أَنْ يتوارد على محل واحد، وهذا غير متحقق في الزيادة على البعض، ثم لو كانت كل زيادة نسخاً للزم على المانعين أن يبيحو الجمع بين البنت، وعمتها؛ لأن التحريم زيادة على النص. {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ,ولكنهم لا يقولون بِإبَاحَةِ الجمع، وحيث كان كذلك علم أنه السنة الصحيحة إِذَا أثبتت حكماً سكت عن الكتاب، وجب قبوله. وعلم أنه ليس بنسخ إِذ ليس في السنة الصحيحة ما يخالف كتاب الله.
قال ابْنُ الْقَيِّمِ في "الطرق الحكمية": "والذي يجب على كل مسلم اعتقاده أَنَّ ليس في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة سنة واحدة تخالف كتاب الله. بل السنن مع كتاب الله على ثلاث منازل:
المنزلة الأولى: سنة موافقة شاهدة بنفس ما شهدت به الكتب المنزلة.
المنزلة الثانية: سنة تفسر الكتاب، وتبين مراد الله منه وتقيد مطلق.
المنزلة الثالثة: سنة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب قبيلته بياناً مبتدأ، ولا يجوز رد واحدة من هذه الأقسام الثلاثة، وليس للسنة مع كتاب الله منزلة رابعة.
ويرد على قولهم إِذَا كان يكتفي بشهادة شاهد، ويمين المدعي ما كان هناك حاجة لأن تذكر إحدى المرأتين الأخرى. أن الحاجة إِلى إِذكار إحداهما الأخرى، إِنَّمَا هو فيما إِذَا شهدتا، فأما إِذَا لم تشهدا قامت مقامهما يمين الطالب ببيان السنة الثابتة.
ويرد على الاستدلال بالحديث البينة على من ادعى. أن الحكمة التي من أجلها جعلت البينة على المدعي واليمين على المنكر أن جانب المدعي ضعيف, لأن يقول خلاف الظاهر. فكلف الحجة القوية وهي البينة لأنها لا تجلب لنفسها نفعاً، ولا ترفع عنها ضرراً. فيقوى بها ضعف المدعي. وجانب المدعى عليه قوي؛ لأن الأصل فراع ذمته فاكتفى منه باليمين، وهي حجة ضعيفة, لأن الحالف يجلب لنفسه النفع ويرفع عنها الضرر فكان ذلك في غاية الحكمة. فإذَا ما شهد شاهد فقد قوى جانب المدعي فتكون اليمين من جهته. إِذْ إِنها تكون من جانب أقوى المتداعيين.
ويرد على استدلالهم بقول الرسول -صلى الله تعالى عليه وسلم-: "لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ" إن لم يعط بدعواه، وَإِنَّما أعطى بالشاهد، واليمين تقوية لهذا الشاهد، ولذا لو رجع الشاهد كان الضمان كله عليه.
٣ - يرد على الاستدلال بحديث شاهداك أو يمينه، أن لا يَدُلُّ على عدم جواز الحكم بشاهد ويمين إِلاَّ بالمفهوم، والمانعون لا يقولون به.
الإِجَابَة عما ورد على الأدلة:
أجيب عما ورد على سند الأحاديث التي استدل بها المجوزون أَنَّهَا رويت من طرق كثيرة بعضها صحيح لا مطعن فيه ورواها نَيِّفٌ وَعِشْرُونَ صحابياً. وَخَرَّجَ مسلم رواية الشاهد واليمين. وأما كونها محتملة فقد رد على ذلك ابْنُ الْعَرَبيِّ بقوله: "وأظرف ما وجدت لهم في رد الشاهد واليمين أمران. أحدهما أَنَّ المراد قضى بيمين المنكر مع شاهد الطالب. والمراد أنَّ الشاهد الواحد لا يكفي في ثبوت الحق فيجب اليمين على المدعى عليه. فهذا المراد بقوله قفى بالشاهد واليمين، وتعقبه ابن العزى بأنه جهل باللغة لأن المعية تقتضي أن تكون من شيئين في جهة واحدة لا في =

<<  <  ج: ص:  >  >>