وبعد أن ذكرنا أدلة الطرفين وما نوقشت به. لا يسعنا إلا أن نقول أن الحكم بشاهد ويمين جائز. إذ يبعد كثيراً أن يختلق أولئك الرواة العديدون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشاهد ويمين. وأيضاً فقد يحصل أن يتعامل بعض الناس ولا يحضره إلا شاهد واحد. أفي مثل هذه الصورة نقول للمدعى أنك قصرت حيث لم تستشهد شاهدين؟ ولذلك قد ضاع حقك. وذهب مالك إلى أن العدل كل العدل أن يقضي بالشاهد واليمين في مثل هذا اقتداء برسول الله. نعم إن الزهري قال في الشاهد واليمين أن هذا بدعة. وأول من أجازه معاوية والزهري من أعلم أهل المدينة في وقته. فلو كان خبر الشاهد واليمين ثابتاً لما خفي عليه. ولكن العقل يجوز أن يخفي الخبر على الزهري مع مكانته العلمية ولا يجوز أن يخطأ نيف وعشرون صحابياً منهم الخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم. الحق كما يبدو لنا أن الحكم بشاهد ويمين جائز. والمصلحة داعية إلى الأخذ بهما هذا ومما نستنكره أن من الأئمة الأجلاء والعلماء الباحثين في هذا الموضوع من وجه إلى مخالفيهم الحنفية ومن وافقهم ألفاظاً تنقص من مكانتهم العلمية. قال الإِمام مالك بعد أن سرد أن الحكم بشاهد ويمين حكم به الصحابة. قال وإنه ليكفي من ذلك ما مضى من عمل السنة أترى هؤلاء تنقض أحكامهم. ويحكم ببدعتهم هذا غفال شديد ونظر غير سديد. ويقول القرطبي رداً على المانعين وهذا كله غلط وظن لا يفنى من الحق شيئاً وليس من نفي وجهل كمن أثبت وعلم. ويقول ابن العربي أنه جهل باللغة. ولئن جاز في عرف البسطاء أن ينالوا من مخالفيهم. وأن ينقصوا من أقدارهم. أثتاء بحثهم ونقاشهم. ما كان يجوز مطلقاً أن يحصل هذا ممن لهم منزلتهم ومكانتهم.