للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: وهو الأَصَحُّ؛ فإنهم أصحاب حَقٍّ، كالأولين، فإن أبْطَلَ الأَوَّلُونَ حَقَّهُمْ بالنُّكُولِ، فلهم ألا يبطلوا حقوقهم.

ومن ذاهب إلى أنهما مَبْنِيَّانِ على أَصْلٍ، واختلف هؤلاء على طريقتين:

أظهرهما: بِنَاؤُهُمَا على أن البَطْنَ الثاني يَتَلَقَّوْنَ من البَطْنِ الأول، أم من الواقف؟

فإن قلنا: من البَطْنِ الأول، لم يَحْلِفُوا، وإلا حلفوا.

والثاني: بِنَاؤُهُمَا على أن الوَقْفَ المُنْقَطِعَ الابتداء متصل (١)، أم لا؟ إن قلنا: لا، حَلَفَ البَطْنُ الثاني، ولم يَضُرَّ انْقِطَاعُ أَوَّلهِ بِنُكُولِ الأولين، وإن قلنا: يَبْطُلُ، لم يَحْلِفُوا، ثم حكى القاضي ابن كَجٍّ، والشيخ أبو حَامِدٍ خلافاً في أن القولين، هل يَجْرِيَانِ في حياة الأَوَّلين إذا نَكَلُوا؟ فمن الأصحاب من أَجْرَاهُمَا؛ لِبُطْلاَنِ حَقِّهِمْ، وتَعَذُّرِ الصَّرْفِ إليهم، بنُكُولِهِمْ، كما لو ماتوا.

ومنهم من خَصَّصَ القولين فيما بعد مَوْتِ الأولين؛ لأن اسْتِحْقَاقَ البَطْنِ الثاني [مشروط] (٢) بانْقِرَاضِهِمْ. وإليه مَالَ الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ.

الحالة الثالثة: إذا حلف بَعْضُهُمْ دون بعض.

فإذا حلف وَاحِدٌ ونَكَلَ اثْنَانِ، فيأخذ الحَالِفُ الثُّلُثَ وَقْفاً، وأمَّا الباقي فهو تَرِكَةٌ؛ تُقْضَى منها الدُّيُونُ، والوَصَايَا، فما فضل؛ ففي "الشامل": أنه يقسم بين جميع الوَرَثَةِ، فما يَخُصُّ البَنِينَ الثَّلاثَةَ يكون وَقْفاً على النَّاكِلِينَ؛ لأن الحالف يعترف لهم بذلك.

والذي ذكره المُحَامِلِيُّ، وصاحب "التهذيب" وغيرهما: أنه يُقَسَّمُ الفَاضِلُ بين المنكرين من الوَرَثَةِ، والذين نَكَلُوا دون الحالف؛ لأنه مُقِرٌّ بانْحِصَارِ حَقِّهِ فيما أخذه؛ وأن البَاقِي لإِخْوَتِهِ وَقْفاً، ثم حصَّةُ الناكلَيْنِ تكون وَقْفاً بِإِقْرَارِهِمَا. وإذا مات النَّاكِلاَنِ، والحالف حَيٌّ، فَنَصِيبُهُمَا للحالف، على ما شَرَطَ الواقف بإقرارهم [و] (٣) في حَاجَتِهِ إلى اليَمِينِ، ما سبق من الوجهين.

فإذا مات الحَالِفُ، فالاسْتِحْقَاقُ للبطن الثَّانِي. وفي حلفهم الخِلاَفُ الذي مَرَّ، وإن كان الحَالِفُ مَيِّتاً عند مَوْتِ النَّاكِلِينَ، فأراد أولادهما أن يَحْلِفُوا، فعلى القولين المَذْكُورَيْنِ في أَوْلاَدِ الجميع إذا نَكَلُوا الأَصَحُّ -أن لهم الحَلِفَ، وما حكم نصيب الحَالِفِ المَيِّتِ قبلهما؟ فيه ثلاثة أوجه:

أحدهما: أنه يُصْرَفُ إلى الناكلين قَضِيَّةً لِلْوَقْفِ، وعلى هذا ففي حَلِفِهِمَا الخِلاَفُ


(١) في ز: يتصل.
(٢) سقط في: ز.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>