للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي مَضَى، فإن قلنا: يَحْلِفَانِ، فَنَكَلاَ، سقط هذا الوَجهُ.

والثاني: أنه يُصْرَفُ إلى البَطْنِ الثاني؛ لأنهما لما نَكَلاَ، أبطلا حَقَّهُمَا وصارا كالمَعْدُومين. وإذا عُدِمَ البَطْنُ الأول، كان الاسْتِحْقَاق للثاني، والثالث. أن هذا وَقْفٌ، تَعَذَّرَ مَصْرِفُهُ؛ لأنه لا يمكن الصَّرْفُ إلى الآخرين لِنُكُولِهِمَا, ولا إلى البَطْنِ الثاني؛ لأن شَرْطَ اسْتِحْقَاقِهِمْ انْقِرَاضُ الأولين.

وإذا تَعَذَّرَ مَصْرِفُ الوَقْفِ، فيبطل، أو يبقى، وإذا بقي، فَيُصْرَفُ إلى أَقْرَبِ الناس إلى الواقف، أم كيف الحال؟ فيه خلاف مَذْكُورٌ بتوجيهه (١)، وتفريعه في الوَقْفِ.

والأَصَحُّ أنه يبقى وَقْفاً، ويصرف إلى أَقْرَب النَّاسِ إلى الواقف، وعلى هذا فإذا زَالَ التَّعَذُّرُ، بأن مات النَّاكِلاَنِ، فَيُصْرَفُ إلى البطن الثاني.

قال الإِمام: ويجيء في حَلِفِ أَقْرَبِ النَّاسِ، إذا قلنا: إنه يُصْرَفُ إليهم، الخلاف، وأبْعَدُ الأوجه الثلاثة في المَسْأَلَةِ عنده، الصَّرْفُ إلى البَطْنِ الثَّانِي، وهو أَصَحُّهُمَا عند الأكثرين، ونَقَلُوهُ عن إِشَارَةِ نَصِّهِ في "الأم" -والله أعلم.

وأما لَفْظُ الكتاب، فإنه صور فيما إذا ادَّعَى الوَقْفَ اثنان، والغَرَضُ لا يختلف، لكنه لم يَفِ بموجب التَّصْوِيرِ، بل قال [بعد ذلك: إذا نكلوا ثم قال] (٢) وإن حلفوا، لم يبن ولْيعَلَّمْ قوله: "ثبت الوَقْفُ بشاهد ويَمِينٍ" بالواو، لما سَبَقَ.

وقوله: فيما إذا حلف أحدهما، ونَكَلَ الآخر: "فإذا ماتا، فَنَصِيبُ الحَالِفِ، لا يَسْتَحِقُّهُ البَطْنُ الثاني بغير يَمِينٍ، تَفْرِيعاً على أَصَحِّ القولين، إلى آخر جَوَابِ مَنْ يقول: إنهم إذا حَلَفُوا جميعاً، يحتاج البَطْنُ الثَّانِي إلى اليَمِينِ، وهو الرَّاجِحُ عند من [بنى] (٣) الخِلافَ في أَنَّ البَطْنَ الثاني عمن يَتَلَقَّوْنَ الوَقْفَ، كما فعله صاحب الكتاب.

وقد ذكرنا: أن مِنْهُمْ مَنْ لا يبني الخِلاَفَ على ذلك الخلاف، ويُرَجّح اسْتِغْنَاؤُهُمْ عن اليمين. وقوله: "ونصيب النَّاكِلِ يثبت للبطن الثَّانِي أيضاً إذا حلفوا"، يجوز إعْلاَمُهُ بالواو، لما بَيَّنَّا أنه على الخلاف المذكور، فيما إذا نَكَلَ البَطْنُ الأَوَّلُ جميعاً، هل يحلف البَطْنُ الثاني بعد موتهم؟ وكذا قوله: "فيما إذا نكَلُوا جميعاً حلف البطن الثاني".

وكذا قوله: "باليمين فيما إذا حلفوا جميعاً الخلاف في أنهم هل يَحْتَاجُونَ إلى اليَمِينِ؟ وقوله: "ولو مات الحالف وَحْدَهُ" يعني في الصورة التي ابتدأ بِذِكْرِهَا؛ وهي أن يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا، وَيَنْكُلَ الآخر.


(١) في ز: من جهة.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: يبنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>