للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فالبَيِّنَةُ حُجَّةٌ كاليَدِ.

ولو تَدَاعِيَا، والشَّيْءُ في أيديهما، يُجْعَلُ بينهما نِصْفَيْنِ، فكذلك هاهنا. وأيضاً: فلو أن رَجُلَينِ أقام كُلُّ واحد منهما بَيِّنَةً على أنَّه أوصى له بهذه الدَّارِ؛ تُجْعَلُ بينهما، فكذلك هاهنا.

والثاني: أنَّه يُقْرَعُ بينهما، ويُرَجَّحُ جانب من خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (١)؛ لما رُوِيَ؛ أن خَصْمَيْنِ أَتَيَا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأتى كُلُّ واحد منهما بِشُهُودٍ، فَأسْهَمَ بينهما، وقَضَى لمن خَرَجَ السَّهْمُ له (٢).


= فقد رواه حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشر بن نهيك، عن أبي هريرة ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في صحيحه، واختلف فيه على سعيد بن أبي عروبة، فقيل: عنه عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى، وقيل عنه عن سماك بن حرب رواه عن ابن ماجه [٢٣٣٠] عن تميم بن طرفة، قال: أنبئت أن رجلاً، قال البخاري قال سماك بن حرب: أنا حدثت أبا بردة بهذا الحديث، فعلى هذا لم يسمع أبو بردة هذا الحديث من أبيه، ورواه أبو كامل مظفر بن مدرك عن حماد عن قتادة عن النضر بن أنس عن أبي بردة مرسلاً قال حماد: فحدثت به سماك بن حرب فقال: أنا حدثت به أبا بردة، وقال الدارقطني والبيهقي والخطيب: الصحيح أنَّه عن سماك مرسلاً، ورواه ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص عن سماك عن تميم بن طرفة: أن رجلين ادعيا بعيراً، فأقام كل واحد منهما البينة أنَّه له، فقضى النبي -صلى الله عليه وسلم- به بينهما، ووصله الطبراني بذكر جابر بن سمرة فيه بإسنادين، في أحدهما حجاج بن أرطاة، والراوي عنه سويد بن عبد العزيز، وفي الآخر ياسين الزيات، والثلاثة ضعفاء.
(١) سكت المصنف عن الترجيح من الأقوال الثلاثة المفرعة على الاستعمال.
قال في الخادم: كأنهم هونوا أمرها لما كانت مفرعة على الضعيف، وجزم في باب التحالف في البيع بالوقف، وقال الشيخ جلال الدين البلقيني: لا فرق في الحكم بالتعارض بين أن يقعا معاً قبل أن يحكم القاضي، وبيبن أن يحكم القاضي بواحدة ثم يقوم الأخرى بعد ذلك فإنه ينقض القضاء على الأظهر، وقد ذكر الرافعي وتبعه النووي ما يرشد إلى هذا الفرع في أثناء المسألة الثالثة سئل قال لعبده إن مت في رمضان فأنت حر، وأقام بينة أنَّه مات في رمضان، والوارث أنَّه مات في شوال، فإنه يقدم بينة العبد على الأظهر ما نصه، ولو حكم القاضي بشهادة شاهدي رمضان ثم شهد آخران أنَّه مات في شوال فهل ينقض الحكم، ويجعل كما لو شهدت البينتان معاً خرجه ابن سريج على قولين كما لو بان فسق الشهود، وذكر أيضاً هنا فائدة أخرى وهي إذا لم يدعها لنفسه وأقام كل واحد بينة أنها له ما حكمه ظاهر كلام الماوردي في باب اللقطة أنها تنزع قطعاً، ثم يبقى التعارض بين المتداعين والمعتمد أنها لا تنزع بالبيتتين إذا تعارضا لأنه يصير كأن لا بينة.
(٢) أخرجه أبو داود في المراسيل عن سعيد بن المسيب ونحوه، ووصله الطبراني في الأوسط بذكر أبي هريرة فيه، وفيه شيخه علي بن سعيد الرازي وهو من أوهامه، ورواه البيهقي [١٠/ ٢٥٩] مرسلاً، وقال: اعتضد هذا المرسل بطريق أخرى، ثم ساقه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة وسليمان بن يسار نحوه، وأخرج أيضاً من جهة أبان عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة نحوه، موقوفاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>