للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: لو زاد عَدَدُ الشُّهُودِ في أَحَدِ الجانبين، فَنَصُّهُ -رضي الله عنه- في "المختصر": أنَّه لا تَرْجِيحَ.

وعن القديم نقل (١) قَوْل فيه (٢)، وللأصحاب -رحمهم الله-[فيه] (٣) طريقتان:

أشبههما، وهو المَذْكُورُ في الكتاب: أن المَسْأَلَةَ على قَوْلَيْنِ:

الجديد: أنَّه لا ترجيح لكمال (٤) الحجة من الطَّرَفَيْنِ، والقديم؛ ويُحْكَى عن مالك: أنَّه يُرَجَّحُ جَانِبُ من زَادَ عَدَدُ شُهُودِهِ؛ لأن القَلْبَ إلى قولهم أميل.

والثاني: القَطْعُ بالقَوْلِ الأَوَّلِ، وحمل ما نُقِلَ عن القديم على حكاية مذهب الغَيْرِ. ولو اخْتَصَّتْ إحدى البَيِّنتَيْنِ بزيادة ورع، أو فِقْهٍ، جَرَى الطريقان.

قال في "الوسيط": وعلى هذا الخِلاَفِ لو كان في أحد الجَانِبَينِ شَهَادَةُ أحد الخُلَفَاءِ الأربعة -رضي الله عنهم- وفي الرواية يَثْبُتُ الرُّجْحَانُ بهذه الأُمُور، وفَرَّقُوا بأن لِلشَّهَادَةِ نِصَاباً مُقَدَّراً، فيتبع. وليس للرواية ضَبْطٌ فمنهم من رجح بأغلب الظَّنَّيْنِ. ومنهم من أَلْحَقَ الرواية بالشَّهَادَةِ، والظاهر الأول.

الثالثة: لو أقام أَحَدُهُمَا رَجُلَيْنِ، والآخر رَجُلاً وامْرَأتَينِ، فالمَشْهُورُ أنَّه لا تَرْجِيحَ لقيام الحُجَّةِ، وكُلُّ واحد منهما بالاتِّفَاقِ.

وعن المَاسَرْجَسِيِّ رِوَايَةُ قَوْلٍ آخَرَ، وهو تَرْجِيحُ الرجلين؛ لزيادة الوُثُوقِ بقولهما. ولذلك يَثْبُتُ بقول رَجُلَيْنِ، ما لا يَثْبُتُ بقول رَجُلٍ وامرأتين.

ونقل الفوراني مِثْلَ ذلك أيضاً.

ويجوز أن يُعَلَّمَ قوله في الكتاب: "ولا ترجيح به" بالميم.

وقوله: "في القَوْلِ الجديد" بالواو، لِطَرِيقَةِ من نَفَى الخِلاَفَ.

وقوله: "فخلاف الرواية" بالواو؛ للوجه المَذْكُورِ فيها (٥).

وقوله: "وكذا لا يُرَجَّحُ رَجُلاَنِ على رجل وامرأتين"، أراد (٦) على أحد القولين على ما بَيِّنَهُ في "الوسيط". ولم يُرِدِ القَطْعَ بعدم التَّرْجِيحِ.


(١) في ز: يميل.
(٢) قد رجح النووي طريقة القطع وهذا خلاف ما رجحه الرافعي فإنه قال: وللأصحاب طريقان أشهرهما أنَّه على قولين والثاني: القطع بالأول وحمل ما نقل عن القديم على حكاية مذهب الغير. انتهى. وما فعله النووي هو الصواب الذي عليه الجمهور كما قاله الماوردي.
(٣) سقط في: ز.
(٤) في ز: إكمال.
(٥) سقط في: أ.
(٦) في أ: زاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>