للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك يَعْدِلُ ضِعْفَ ما عتق؛ وهو أربعة أَشْيَاءَ فيجبر. ويقابل فثلثا التركة تَعْدِلُ خمسة أشياء، فالشَّيْءُ خمس ثلثي التَّرِكَةِ، وخمس الثلثين خُمُسَا الثلث، وكل عَبْدٍ ثلث، فَيُعْتَقُ من الأول خُمُسَاهُ، والباقي مَغْصُوبٌ، ومن الثاني خُمُسَاة، يبقى ثَلاثةُ أخماسه لِلْوَرَثَةِ مع الثلث الكَامِلِ، وهي ثمانية أَخْمَاسٍ، ضعف ما عتق.

ولو شهد أَجْنَبِيَّانِ لِغَانِمٍ وَوَارِثَانِ لِسَالِمٍ كما ذكرنا، إلا أن سَالِماً سدس المال، فإن كَذَّبَ الوَارِثَانِ الأجنبيين (١) عتِقا جميعاً، وإن لم يُكَذِّبَاهُمَا، فإن كانا عَدْلَيْنِ، وكما إذا كان شهود العَبْدَيْنِ أَجَانِبَ. والأول ثُلُثُ المال والباقي سدسه، وقد مَرَّ حُكْمُهُ في الفصل السَّابِقِ.

وإن كانا فَاسِقَيْنِ، نقل صاحب "التهذيب": أن الأَوَّلَ حُرٌّ بشهادة الأَجْنَبيَّيْنِ، ويُقْرَعُ بينهما، فإن خَرَجَتِ القُرْعَةُ له، انْحَصَرَ العِتْقُ فيه. وإن خَرَجَتْ للثاني، عُتِقَ الأول بالشَّهَادَةِ، وعُتِقَ من الثَّانِي ثُلُثُ ما بَقِيَ من المال؛ بإِقْرَارِ الوارثين. قال في "التهذيب": وقياس هذا أن يُقْرَعَ أيضاً إذا كان كُلُّ واحد من العَبْدَيْن ثُلُثَ المال، وكان الوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ، وكان هذا جَوَابَاً على قول القُرْعَةِ، فيما إذا كان الشُّهُودُ كلهم أَجَانِبَ. وما نَقلْنَا عن الشيخ أبي حَامِدٍ وغيره على قَوْلِ القِسْمَةِ -والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّالِثَةُ إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأنَّهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بالسُّدُسِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِأنَّهُ أَوْصَى لِبكْرٍ بِالسُّدُسِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إِحْدَى الوَصِيَّتَيْنِ، فَعَلَى وَجْهٍ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ بِالرُّجُوعِ المُبْهَمِ وَيُسْلَّمُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُدُسٌ، وَعَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ لِتَعَيُّنِ المَشْهُودِ لَهُ وَالمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيُقَسَّمُ عَلَيْهِمَا سُدُسٌ وَاحِدٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا شَهِدَ اثنان بأن فُلاَناً المَيِّتَ أوصى لِزَيْدٍ بالثُّلُثِ وآخران (٢) بأنه أَوْصَى لِبَكْرٍ بالثلث، فلا يَخْفَى أنه يُجْعَلُ الثُّلُثُ بينهما بالسوية؛ فإن ذكر الآخران: أنه رَجَعَ عن الأَوَّلِ، وأَوْصَى لِبَكْرٍ بالثلث، سُلِّمَ له الثلث، ويَسْتَوي في الرجوع شَهَادَةُ الوَارِثِ، والأجنبي، إذا جَرَى ذِكْرُ البَدَلِ. ولو شهد اثْنَانِ: أنه رَجَعَ عن وَصِيَّةِ بَكْرٍ أيضاً، وأَوْصَى بالثلث لِعَمْرِو سُلِّمَ الثُّلُثُ لعمرو ولو شهد اثنان أنه أوصى بالثلث لزيد أو اثنان أنه أَوْصَى به لِبَكْرٍ، ثم شَهِدَ اثنان أنه رَجَعَ عن إحدى الوَصِيَّتَيْنِ، فإن عينا الرُّجُوعَ عنها، ثَبَتَ الرُّجُوعُ وكان الثُّلُثُ كُلُّهُ للآخر.

وفي كتاب القَاضِي ابْنِ كَجٍّ: أن أبا الحُسَيْنِ قال: لا يكون للثَّانِي إلا السُّدُسُ؛ لأنه إذا أوْصَى بالثلث لهذا، وبالثلث لهذا، فَكَأَنَّهُ أوصى بالسُّدُسِ لكل واحد منهما.


(١) في أ: الأجنبيان.
(٢) في ز: وآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>