للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعْلِيقُهُ، فيثبت مقتضى التعليق. وأما الفَاسِدَةُ، فإنها تُشَارِكُ الصَّحِيحَةَ في بعض الأحكام، على ما سنذكر على الأَثَرِ، وإنما كان كذلك على خلاف البيع، وسائر العقود، حيث لا يُفَرَّقُ فيها بين البَاطِلِ والفاسد (١)؛ لأن العِتْقَ هو المَقْصُودُ من الكتابة، ولتوقع العتق صَحَّحْنَاهَا وإلا فهي على خِلاَفِ القِيَاسِ على مَا مَرَّ، وتعليق العتق لا يفسد، وإن فَسَدَتِ الكتابة، فانْتِظَارُ العِتْقِ الذي هو المقصود [أحوج] (٢) إلى أن يثبت في الفَاسِدَةِ بعض أحكام الصحيحة، هكذا وَجَّهَ الإِمَامُ.

لكن قَضِيَّةَ هذا أن تكون الكتابة البَاطِلَةُ إذا صَحَّ التَّعْلِيقُ فيها كالكِتَابَةِ التي سَمَّيْنَاهَا فَاسِدَةً. وقوله في الكتاب: "أو غير مالك" [أو بغير إذن المالك] (٣)، وقوله: "أو مُكْرَهِ" بين اشتراط الاختيار في السَّيِّدِ والعَبْدِ جميعاً، ولم يذكره في الرُّكْنَيْنِ، وقد يهمل مِثْلُ هذا لِوُضُوحِهِ.

وقوله: "أو عدم قصد مَالِيَّةِ العِوَضِ، كما لو كاتب على دَمٍ أو حَشَرَاتٍ"، في قوله: "إن الدم لا يقصد" تَوَقُّفٌ أبْدَيْناه في "الخُلْعِ".

وَعَدَّ الصَّيْدَلاَنِيُّ الكِتَابَةَ على المَيْتَةِ والدَّمِ من صور الكتابة الفاسدة، كالكتابة على الخَمْرِ والخِنْزِيرِ. والله أعلم.


(١) في المهمات عليه بباب الخلع والعارية.
قال في الخادم: ولا يردان أما الخلع فإنه فسخ أو كالفسخ إن جعلناه طلاقاً أي وهو الأظهر وكلام الرافعي في العقود، أما العارية فيحتاج تصويرها إلى تأمل وفيها حالتان ظن بعضهم أنها من ذلك.
أحدهما: إذا قال أعرتك حماري بشرط أن تعيرني فرسك فوجهان أنها إجارة فاسدة.
والثاني: عارية باطلة، وخرجوا على الوجهين وجوب الأجرة وعدمه ووجوب الضمان وعدمه وليس ذلك للتفرقة بين الفاسد والباطل وإنما هو للتفرقة بين الإجارة والعارية.
الثانية: إعارة الدراهم والدنانير للتزين حكوا فيها وجهين، فإن صحت فهي مضمونة، وإن فسدت فقد حكوا في الضمان وجهين:
وجه الضمان: أن الفاسد حكمه الصحيح في الضمان ووجه عدم الضمان أنها عارية باطلة، كذا قاله الغزالي فأخذ من هذا التفريق بين الفاسد والباطل وليس كذلك بل في كلامه ما يدل على أنَّه لا عارية بالكلية حتى يعتريها البطلان بل مجرد تسليط من المالك وهذا التأويل أولى من الخروج عن القاعدة مع كون العارية من العقود الجائزة.
وقد ذكر البغوي في الدقائق أن التفرقة منحصرة في أربعة أبواب: الحج والعارية والخلع والكتابة. وما ذكره من الحصر ممنوع بل يجري في صور:
إحداها: الإجارة الفاسدة يجب فيها أجرة المثل وإذا استأجر مثلاً صبي رجلاً بالغاً فعمل له عملاً لم يستحق شيئاً لأنه الذي فوت على نفسه عمله وتكون باطلة.
(٢) في ز: وأخرج.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>