أحدهما: أنهم انفردوا من غير عذر.
والثاني: أنهم اقتدوا بعد الانفراد.
وإن قلنا بالثاني بطلت صلاتُهم، لانفرادهم بركعة مع بقاء القدوة، ولو فرضت الصَّلاَة في حالة الأمن الذي رواه ابن عمر -رضي الله عنه- فصلاة المأمومين باطلة قطعاً.
وقوله: (وهذا أولى) يجوز أن يريد أنه أولى بأن يفعله الإمام مما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- فيكون جواباً على تجويز إقامة الصَّلاة على ذلك الوجه أيضاً، ويجوز أن يريد به أن الأخذ به والمصير إليه أولى، فلا يلزم تجويز ذلك الوجه، وعلى التقديرين هو معلم بالحاء.
قال الغزالي: ثُمَّ الصَّحِيحُ أَنْ الإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ الفَاتِحَةَ قَبْلَ لُحُوقِ اَلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ لَكِنْ يَمُدُّ القِرَاءَةَ عِنْدَ لُحُوقِهِمْ، وَنَقَلَ المُزَنِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الفَاتِحَةَ إِلَى وَقْتِ لُحُوقِهِمْ، وَكَذَا هَذَا الخِلاَفُ فِي انْتِظَارِهِ فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ لُحُوقِهِمْ.
قال الرافعي: إذا قام الإمام إلى الثانية، فهل يقرأ الفاتحة في انتظاره الفرقة الثانية أم يؤخر إلى لحوقها؟ نقل الربيع أنه يقرؤها، ثم بعد لحوقهم يقرأ بقدر الفاتحة سورة قصيرة، ونقل المزني أنه يقرأ بعد لحوقهم، بأمِّ القرآن وسورة، وهذا قول بتأخير القراءة إلى لحوقهم؛ لأن الفاتحة لا تكرر، واختلف الأصحاب على طريقتين.
أصحهما: أن المسألة على قولين:
أحدهما: أنه لا يقرأ إلى لحوقها؛ لأنه قرأ في الركعة الأولى بالطَّائفة الأولى، فليقرأ في الثانية بالطائفة الثانية، تسوية بينهما.
وأصحهما -وبه قال أحمد-: أنه يقرأ أولاً، ولا يؤخر.
واحتجوا عليه بأنه لو لم يقرأ فإما أن يسكت أو يقرأ غير الفاتحة من القرآن، وكل واحد منهما خلاف السنة، أو يشتغل بذكر وتسبيح، وليس القيام محلاً لذلك، وهذا لا يسلمه من صار إلى القول الأول على الإطلاق، بل ذكروا تفريعاً عليه أنه يسبح ويذكر اسم الله تعالى جدُّه بما شاء.
والطريق الثاني: أنها ليست على القولين، ثم اختلفوا فعن أبي إسحاق أن النصين مُنَزَّلاَن على حالتين حيث قال: "يقرأ" أراد إذا كان الإمام يريد قراءة [سورة طويلة بعد الفاتحة فتمكن استدامة القراءة إلى لحوق الطائفة الثانية، وحيث قال: لا يقرأ أراد إذا