للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القطع، وأجاب عن الحديث بأنه منسوخ بآيات المواريث وغيرها، قال: ولا يخالف أحد في أن الوالدين إذا احتاجا فأخذا من مال ولدهما حاجتهما باختفاء أو بقهر أو كيف أخذاه فلا شيء عليهما، فإنما أخذا حقهما، وإنما الكلام فيهما إذا أخذا ما لا حاجة بهما إليه إما سرًّا وإما جهرًا. اهـ. مختصرًا (١).

قلت: الحق أن الحديث مقصور على سببه وليس له عموم - لا أنه منسوخ - لإجماع العلماء على أن الولد يرث مع أبيه بل ويكون نصيه - أحيانًا - أكبر من أبيه، فصح أن للولد مالًا ولأبيه مالًا، ومع هذا فقول الجمهور بدرء الحدِّ عن الوالد إذا سرق من مال ولده أقوى؛ لأنه لا يقاد به، فلم يقطع به من باب الأولي، وإنما أتى ابن حزم من جهة أنه لا يقول بقياس الأولى (!!)، والله أعلم.

٢ - سرقة الولد من والده:

ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق إلى أنه لا قطع على الولد ولا على البنت فيما سرقاه من مال الوالدين أو الأجداد أو الجدات، لأن الابن يتبسَّط في مال والديه عادةً.

وذهب مالك وأبو ثور وابن حزم إلى أنه يقطع عملًا بظاهر الآية، وهو عام لا مخصَّص له. قلت: لا ينبغي أن يُطلق الحكم هنا، فمتى كان الانبساط للابن في مال الأب لم يقطع بأخذه، ومتى كان محجوبًا عنه قطع والله أعلم.

٣ - سرقة الأقارب بعضهم من بعض (٢):

ذهب الثوري وأبو حنيفة وأصحابهُ: لا قطع على من سرق من ذي رحم محرم، كالأخ والأخت والعم والعمة، والخال والخالة؛ لأن دخول بعضهم على بعض دون إذن عادة يعتبر شبهة تسقط الحدُّ، ولأن قطع أحدهم بسبب سرقته من الآخر يفضي إلى قطع الرحم، وهو حرام.

أما من سرق من ذي رحم غير محرم كابن العم أو بنت العم، وابن العمة أو بنت العمة، وابن الخال أو بنت الخال، وابن الخالة أو بنت الخالة، فيقام عليه حد السرقة - عندهم - لأنهم لا يدخل بعضهم على بعض عادة!!

وأما الجمهور - ومعهم ابن حزم - فذهبوا إلى أن سرقة الأقارب بعضهم من


(١) «المحلي» (١١/ ٣٤٥).
(٢) «البدائع» (٧/ ٧٥) والمراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>