للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يشترط أن يُسبَق الوتر بصلاة (شفع)؟

بمعنى هل للمصلي أن يقتصر على ركعة واحدة لا يسبقها صلاة، وكذلك في الثلاث وغيرها؟ فذهب المالكية -وهو قول عند الشافعية- إلى أن الوتر بركعة واحدة لا يكون إلا بعد شفع يسبقها (١)، قالوا: والأصل في ذلك حديث: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى». وذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز الإيتار بواحدة، قالوا: لكن الاقتصار عليها خلاف الأولى، وأدنى الكمال ثلاث ركعات (٢).

قلت: ولعله يُستدل للجواز بما يأتي (٣):

١ - حديث عائشة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت» (٤) وظاهره أنها كانت تُوتر دون أن تقدِّم على وترها شفعًا.

٢ - حديث عائشة المتقدم قريبًا في صلاته صلى الله عليه وسلم الوتر تسعًا وسبعًا ثم صلاته ركعتين وهو جالس ... الحديث، وفيه أن الوتر متقدم على الشفع، ففيه حجة على أنه ليس من شرط الوتر أن يتقدمه شفع، والله أعلم.

القنوت في الوتر:

القنوت يطلق على معانٍ منها: القيام والسكوت ودوام العبادة والدعاء والتسبيح والخشوع. وفي الاصطلاح: هو اسم للدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام (٥).

والقنوت في صلاة الوتر مشروع في الجملة عند الجمهور -خلافًا لمالك (٦) - واختلفوا في أنه واجب أو مستحب (٧)، وفي أنه يكون في جميع السنة أو


(١) «المنتقى» للباجي (١/ ٢٢٣) والمراجع الآتية بعده.
(٢) «حاشية القليوبي» (١/ ٢١٢)، و «كشاف القناع» (١/ ٤١٦)، و «المغنى» (٢/ ١٥٠).
(٣) «بداية المجتهد» لابن رشد (١/ ٢٩٣) ط. الكتب العلمية.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٥١٢)، ومسلم (٥١٢).
(٥) «الفتوحات الربانية على الأذكار النووية» (٢/ ٢٨٦)، و «بصائر ذوي التمييز» (٤/ ٢٩٨).
(٦) المشهور عنه القول بكراهة القنوت في الوتر، وفي رواية عنه: يقنت في النصف الأخير من رمضان «الكافي» لابن عبد البر (ص: ٧٤)، و «القوانين» (ص: ٦٦)، و «المغنى» (٢/ ٥٨٠)، و «المجموع» (٤/ ٢٤).
(٧) قال أبو حنيفة بوجوبه خلافًا للصاحبين والجمهور. «البدائع» (١/ ٢٧٣)، و «البحر الرائق» (٢/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>