ومن أجل ذلك كان فن (آداب البحث والمناظرة) يتوقف فهمه كما ينبغي على فهم ما لابد منه من فن (المنطق)، لأنّ توجيه السائل المنع على المقدمة الصغرى أو الكبرى مثلاً أو القدح في الدليل بعدم تكرار الحد الأوسط أو باختلال شرط من شروط الإنتاج ونحو ذلك لا يفهمه من لا إلمام له بفن (المنطق). وكانت الجامعة قد أسندت إلينا تدريس فن آداب البحث والمناظرة، وكان لا بد من وضع مذكرة تمكن طلاّب الفن من مقصودهم فوضعنا هذه المذكرة وبدأناها بإيضاح القواعد التي لا بد منها من فن (المنطق) لآداب البحث والمناظرة واقتصرنا فيها على المهم الذي لا بد منه للمناظرة، وجئنا بتلك (الأصول المنطقية) خالصة من شوائب الشبه الفلسفية؛ فيها النفع الذي لا يخالطه ضرر البتة لأنها من الذي خلّصه علماء الإسلام من شوائب الفلسفة كما قال العلاّمة شيخ مشايخنا وابن عمنا المختار بن بونة شارح الألفية والجامع معها ألفية أُخرى من نظمه تكميلاً للفائدة في نظمه في فن (المنطق): {فإن تقل حرّمه النواوى ... وابن الصلاح والسيوطي الراوي قلتُ نرى الأقوال ذي المخالفة ... محلّها ما صنف الفلاسفة أمّا الذي خلّصه من أسلما ... لا بد أن يُعلم عند العلماء} وأ مّا قول الأخضري في (سلّمه): (فابن الصلاح والنواوي حرما ... وقال قوم ينبغي أن يعلما والقولة المشهورة الصحيحة ... جوازه لكامل القريحة ممارس السنة والكتاب ... ليهتدي به إلى الصواب) فمحلّه: المنطق المشوب بكلام الفلاسفة الباطل .. ومن المعلوم أنّ فن المنطق منذ ترجم من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية في أيام المأمون كانت جميع المؤلفات توجد فيها عبارات واصطلاحات منطقية لا يفهمها إلاّ من له إلمام به، ولا يفهم الرد على المنطقيين في ما جاؤا به من الباطل إلاّ من له إلمام بفن المنطق. وقد يعين على رد الشبه آلتي جاء بها المتكلمون في أقيسة منطقية فزعموا أنّ العقل يمنع بسببها كثير من