للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بعض شروح البخاري: وشذَّ ابن جرير الطبري فأجاز الاستنجاء بكل طاهر ونجس (١).

ويكره بالذهب والفضة عند أبي حنيفة، وعن الشافعي في قول: لا يكره.

قوله: "أن لا يقذوره" أي لا يلوثوه بالقذر وهو النجاسة.

ص: وقد بين ذلك وكشفه ما حدثنا حسين بن نصر، قال: نا يوسف بن عدي، قال: نا حفص بن غياث، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله، قال رسول الله - عليه السلام -: "لا تستنجوا بعظم ولا روث، فإنه زاد إخوانكم من الجن".

ش: أي وقد أظهر ما قلنا من أنه نهى عن ذلك لأنه جُعِل زادًا للجن، ما حدثنا.

وقوله: "ما حدثنا" في محل الرفع على أنه فاعل "بيّن"، وإسنادُ هذا الحديث صحيح على شرط مسلم، والشعبي هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه الترمذي (٢): نا هناد، نا حفص بن غياث ... إلى آخره نحوه ولفظه: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام ... ".

ويستفاد منه: أن النهي عن ذلك إنما هو لكونه زادًا للجن لا لأنه لا يطهر؛ لأنه علله بقوله: "فإنه زاد إخوانكم من الجن"؛ فحينئذ إذا استنجى به جاز بالنظر إلى كونه مطهرًا صورة، ولكنه يأثم لارتكاب النهي.

ويستفاد أيضًا: وجود الجن، خلافًا لمن أنكر ذلك، وأن من الجن مسلمين؛ بدليل قوله: إخوانكم؛ لأن إخواننا لا يكونون (٣) إلا مسلمين.

فإن قيل: ما حقيقة الجن؟


(١) وانظر "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٧١).
(٢) "جامع الترمذي" (١/ ٢٩ رقم ١٨).
(٣) في "الأصل، ك": لا يكونوا، وهو خلاف الجادّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>