شطر الليل، ثم جاء فقال: إن الناس قد صلوا وناموا، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، قال أنس: كأني انظر إلى وبيص خاتمة من فضة ورفع اصبعه اليسرى بالخنصر".
قوله: "إلى وبيص" بفتح الواو وكسر الياء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره صاد مهملة، أراد: لمعانه وبريقه.
ص: ففي هذه الآثار أنه صلى العشاء بعد ما مضى ثلث الليل؛ فثبت بذلك أن بمضي ثلث الليل لا يخرج به وقتها، ولكن معنى ذلك عندنا -والله أعلم-: أن أفضل وقت العشاء الآخرة التي تُصَلَّى فيه هو من حين يغيب الشفق إلى ثلث الليل، وهو الوقت الذي كان النبي - عليه السلام - يصليها فيه، على ما ذكرنا في حديث عائشة - رضي الله عنها - ثم ما بعد ذلك إلى أن ما يمضي نصف الليل في الفضل دون ذلك؛ حتى لا تتضاد هذه الآثار.
ش: أراد بهذه الآثار: التي رواها عن ابن عمر وجابر وعائشة وأنس - رضي الله عنهم - والباقي ظاهر.
ص: ثم أردنا أن ننظر، هل بعد خروج نصف الليل من وقتها شيء؟ فنظرنا في ذلك فإذا يونس قد حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب وعبد الله بن عمر وأنس بن عياض، عن حميد الطويل، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: "أخرّ النبي - عليه السلام - الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل، ثم انصرف فأقبل [علينا](١) بوجهه بعد ما صلى بنا، فقال: قد صلى الناس ورقدوا، ولم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها".
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس مثله.
(١) في "الأصل، ك": "إلينا"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".