وقال الطبري: وهو قول ابن عمر وأبي سعيد الخدري على اختلاف عنهما.
قوله:"واحتجوا في ذلك" أي احتج هؤلاء القوم فيما ذهبوا إليه من أن الصلاة الوسطى هي الظهرة بما احتج به زيد بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه - وما احتج به زيد بن ثابت هو الذي رواه عنه بالطرق الستَّة، وقد ذكرناها.
قوله:"وبما رويناه" أي واحتجوا أيضًا بما رويناه عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: أما حديث زيد بن ثابت فليس فيه عن النبي - عليه السلام - إلا قوله:"لينتهين أقوام، أو لأحرقن عليهم بيوتهم" وأن النبي - عليه السلام - كان يصلي الظهر بالهجير، ولا يجتمع معه إلا الصف والصفان، فأنزل الله هذه الآية، فاستدل هو بذلك على أنها الظهر؛ فهذا قولٌ من زيد بن ثابت ولم يروه عن النبي، وليس في هذه الآية عندنا دليل على ذلك؛ لأنه قد يجوز أن تكون هذه الآية أنزلت للمحافظة على الصلوات كلها، الوسطى وغيرها، ومن المحافظة عليها حضورها حيث تصلى، فقال لهم النبي - عليه السلام - في الصلاة التي يفرطون في حضورها:"لينتهين أقوام أو لأحرقن عليهم بيوتهم" يريد لينهين أقوام عن تضييع هذه الصلاة التي قد أمرهم الله بالمحافظة عليها، أو لأحرقن عليهم بيوت هم، وليس في شيء من ذلك دليل على الصلاة الوسطي أي صلاة هي منهن.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون فيما ذهبوا إليه، وهم جماعة كثيرة منقولة في مخالفيهم، أولئك القوم مختلفون أيضًا فيما بينهم، على ما يجيء مفصلًا إن شاء الله تعالى.
قوله:"فقالوا: أما حديث زيد بن ثابت ... " إلى آخره جواب عما احتج به أولئك القوم، ورد لاستدلالهم؛ فإنه لا يصلح لما ذهبوا إليه، ووجه ذلك ظاهر غني عن البيان، وكذلك أثر ابن عمر - رضي الله عنهما - ليس فيه دليل عن أن النبي - عليه السلام - على أن الصلاة الوسطي هي الظهر، وإنما هو قول ابن عمر - رضي الله عنه - وإخباره عما كانوا يتحدثون أنها الصلاة التي توجه فيها رسول الله - عليه السلام - إلى الكعبة شرفها الله، ثم العلماء ذكروا في هذا الباب عشرين قولًا: