للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عياض: قال جماعة من العلماء: يردّ السلام في الصلاة نطقًا، منهم: أبو هريرة وجابر وسعيد بن المسيب والحسن وقتادة وإسحاق، وقال عمر بن عبد العزيز ومالك وجماعة: يرد إشارةً لا نطقًا.

وعند الشافعي أنه لا يُسلَّم على المصلي، فإن سُلِّم عليه لم يستحق جوابًا.

وعن مالك روايتان: كراهة السلام، والثانية جوازه.

فإن قيل: متى كان هذا النسخ؟

قلت: قال ابن حبان: توهم من لم يُحْكم صناعة العلم بأن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة؛ لحديث زيد بن أرقم، وليس كذلك؛ لأن الكلام في الصلاة كان مباحًا إلى أن رجع ابن مسعود من عند النجاشي فوجدوا الإباحة قد نسخت، وكان بالمدينة مصعب بن عمير يُقرئ المسلمين، وكان الكلام بالمدينة مباحًا كما كان بمكة شرفها الله تعالى، فلما نسخ ذلك بمكة تركه الناس بالمدينة، فحكى زيد ذلك الفعل؛ لا أن نسخ الكلام كان بالمدينة".

وهو لَعَمْرِي كلام جيد لولا ما في كتاب الترمذي (١): عن زيد كنا نتكلم خلف النبي - عليه السلام - يكلم الرجل منَّا صاحبه وهو إلى جنبه حتى نزلت ... " وأهل العلم كلهم يقولون: إن سورة البقرة مدنية خصوصًا هذه الآية.

وقال الخطابي: نسخ الكلام كان بعد الهجرة بمدة يسيرة وحَمَلَ بعضهم على هذا حديث ابن مسعود على مجيئه في المرة الثانية من الحبشة لا الأولى، وحمل بعضهم حديث زيد على أنه إخبار عن الصحابة المتقدمين كما يقول القائل: قتلناكم وهزمناكم يعنون الآباء والأجداد وردَّ كلام الخطابي بتعذر التاريخ وليس جيدًا؛ لأن في حديث جابر المخرج عند مسلم (٢): بعثني رسول الله - عليه السلام - في حاجة، ثم أدركته


(١) "جامع الترمذي" (٢/ ٢٥٦ رقم ٤٠٥).
(٢) "صحيح مسلم" (١/ ٣٨٣ رقم ٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>