للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يصلي فسلمت عليه، فأشار إليَّ، فلما فرغ قال: لِمَ سلمت آنفًا وأنا أصلي؟ فهذا الذي منعني أن أكلمك".

وأخرجه أيضًا الأربعة (١) وفي لفظ (٢): "كان ذلك وهو منطلق إلى بني المصطلق".

فهذا فيه بيان ما أشكل على من ردَّ كلام الخطابي، وردّ أيضًا لما قاله ابن حبان. فافهم، وسيجيء مزيد الكلام فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.

وأما أثر مجاهد: فقد أخرجه من طريقين صحيحين:

الأول: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي، عن شجاع بن الوليد بن قيس السكوني، عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٣): عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد قال: "كانوا يتكلمون في الصلاة، ويكلم الرجل أخاه، حتى نزلت هذه الآية: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (٤) فقطعوا الكلام، قال: القنوت السكوت، والقنوت: الطاعة".انتهى.

وقال ابن الأنباري: القنوت على أربعة أقسام: الصلاة، وطول القيام، وإقامة الطاعة، والسكوت".

وقال الجوهري: القنوت الطاعة.

وهذا هو الأصل ومنه قوله تعالى: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} (٥) ثم سُمي القيام في الصلاة قنوتًا، وفي الحديث "أفضل الصلاة طول القنوت" (٦) ومنه قنوت الوتر.


(١) أبو داود في "سننه" (١/ ٣١٣ رقم ٩٤٩)، والترمذي في "جامعه" (٥/ ٢١٨ رقم ٢٩٨٦)، والنسائي في "المجتبى" (٣/ ١٨ رقم ١٢١٩).
(٢) رواه مسلم في "صحيحه" (١/ ٣٨٣ رقم ٥٤٠).
(٣) "مصنف عبد الرزاق" (٢/ ٣٣١ رقم ٣٥٧٤).
(٤) سورة البقرة، آية: [٢٣٨].
(٥) سورة الأحزاب، آية: [٣٥].
(٦) أخرجه مسلم (١/ ٥٢٠ رقم ٧٥٦) من حديث جابر - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>