للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجواب آخر: أن قوله: "جهر بها" لا يدل على أنه جهر بها وهو في الصلاة، فلا يتم به الدليل، وكذلك قوله: "إنه كان يفتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم" لا يدل صريحًا على أنه كان في الصلاة، وأما رواية الدارقطني فهي ضعيفة. فقال الأزدي: تكلموا في إسماعيل بن أبي حماد. ولئن سلمنا أنها صحيحة ولكنها لا تدل على أنه كان يجهر بها فلا يتم الدليل.

فإن قيل: روى الدارقطني (١) أيضًا: عن أبي الصلت الهروي واسمه عبد السلام ابن صالح، ثنا عباد بن العوام، ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "كان النبي - عليه السلام - يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم".

قلت: هذا أضعف من الأول؛ فإن أبا الصلت متروك، قال أبو حاتم: ليس بصدوق عندي. وقال الدارقطني: رافضيٌّ خبيث.

فإن قيل: رواه الحكم في "المستدرك" (٢): عن عبد الله بن عمرو بن حسان، ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "كان رسول الله - عليه السلام - يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم".

قال الحكم: إسناده صحيح وليس له علة.

قلت: غير صحيح ولا صريح، أما كونه غير صريح فلأنه ليس فيه أنه في الصلاة، وأما كونه غير صحيح فإن عبد الله بن عمرو بن حسان كان يضع الحديث، قاله إمام الصنعة علي بن المديني. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: ليس بشيء، كان يكذب. وقال ابن عدي: أحاديثه مقلوبات. فانظر إلى تساهل الحاكم واستهتاره في هذا لأجل إقامة الحجة لما ادعاه.

فإن قيل: روى البزار في "مسنده" (٣): عن المعتمر بن سليمان، ثنا إسماعيل،


(١) "سنن الدارقطني" (١/ ٣٠٣ رقم ٦).
(٢) "مستدرك الحاكم" (١/ ٣٢٦ رقم ٧٥٠).
(٣) قال الهيثمي في "مجمع "الزوائد" (٢/ ٢٨١ رقم ٢٦٣٣): رواه البزار، ورجاله موثقون.

<<  <  ج: ص:  >  >>