من ذلك، وليس ذاك بفرض، وقياسه على قوله:"الحج عرفة" ليس بصحيح؛ لأن معنى هذا الكلام: معظم أركان الحج الوقوف بعرفة، وليست المعرفة بعينها عبارة عن الحج؛ لأن المعرفة لا تخلو إما أن تكون اسمًا لليوم المعهود، أو للموضع المعهود، وكل منهما ليس بحج ولا داخل في أركان الحج؛ فافهم.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب إلى هذه الآثار قوم، وأوجبوا بها القراءة خلف الإِمام فى سائر الصلوات بفاتحة الكتاب.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، ومالكًا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وداود؛ فإنهم ذهبوا إلى هذه الآثار المذكورة وأوجبوا بها أي بالآثار المذكورة القراءة خلف الإِمام في جميع الصلوات بفاتحة الكتاب، و"الباء" فيه تتعلق بقوله: "القراءة" فافهم.
وقال ابن العربي في "أحكام القرآن": ولعلمائنا في ذلك ثلاثة أقوال:
الأول: يقرأ إذا أسر الإِمام خاصة قاله ابن القاسم.
الثاني: قال ابن وهب وأشهب في كتاب محمَّد: لا يقرأ.
الثالث: قال محمَّد بن عبد الحكم: يقرأها خلف الإِمام؛ فإن لم يفعل أجزأه كأنه رأى ذلك مستحبًّا، والأصح عندي وجوب قراءتها فيما أسر، وتحريمها فيما جهر إذا سمع قراءة الإمام لما فيه من فرض الإنصات له والاستماع لقراءته فإن كان منه في مقام بعيد فهو بمنزلة صلاة السر.
وقال أبو عمر في "التمهيد": لم يختلف قول مالك أنه من نسيها -أي الفاتحة- في ركعة من صلاة ركعتين أن صلاته تبطل أصلًا. ولا تجزئه، واختلف قوله فيمن تركها ناسيًا في ركعة من الصلاة الرباعية أو الثلاثية، فقال مرة: يعيد الصلاة ولا تجزئه، وهو قول ابن القاسم وروايته واختياره من قول مالك، وقال مرة أخرى: يسجد سجدتي السهو وتجزئه، وهي رواية ابن عبد الحكم وغيره عنه.
قال: وقد قيل: إنه يعيد تلك الركعة، ويسجد للسهو بعد السلام.