للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرزاق (١): عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محمَّد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب محمَّد - عليه السلام - قال: قال النبي - عليه السلام -: "لعلكم تقرءون والإمام يقرأ؟ مرتين أو ثلاثًا، قالوا: نعم يا رسول الله إنا لنفعل، قال: فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب".

قلت: أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٢): من حديث أبي قلابة، عن أنس، ثم قال: سمعه من أنس وسمعه من ابن أبي عائشة؛ فالطريقان محفوظان (٣).

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فقد بيَّنَّا بما ذكرنا عن النبي - عليه السلام - خلاف ما روى عبادة - رضي الله عنه - فلما اختلفت هذه الآثار المروية في ذلك التمسنا حكمه من طريق النظر؛ فرأيناهم جميعًا لا يختلفون في الرجل يافي الأمام وهو راكع أنه يكبر ويركع معه، ويعتد بتلك الركعة وإن لم يقرأ فيها شيئًا، فلما أجزأه ذلك في حال خوفه فوت الركعة احتمل أن يكون إنما أجزأه ذلك لمكان الضرورة، واحتمل أن يكون إنما أجزأه ذلك لأن القراءة خلف الإِمام ليست عليه فرضًا، فاعتبرنا ذلك، فرأيناهم لا يختلفون أن من جاء إلى الأمام وهو ركع فركع قبل أن يدخل في الصلاة بتكبر كان منه؛ أن ذلك لا يجزئه وإن كان إنما تركه لحال الضرورة وخوف ذوات الركعة، وكان لا بُدَّ له من قومة في حال الضرورة وغير حال الضرورة، فهذه صفات الفرائض التي لا بد منها في الصلاة، ولا تجزئ الصلاة إلا بإصابتها؛ فلما كانت القراءة مخالفة لذلك وساقطة في حال الضرورة كانت من غير جنس ذلك، فكانت في النظر أيضًا ساقطة في غير حال الضرورة، فهذا هو النظر في هذا، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.


(١) "مصنف عبد الرزاق" (٢/ ١٢٧ رقم ٢٧٦٦).
(٢) "صحيح ابن حبان" (٥/ ١٦٢ رقم ١٨٥٢).
(٣) قال البخاري في "تاريخه" (١/ ٢٠٧): "وقال عبيد الله بن عمرو: عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصح أنس".

<<  <  ج: ص:  >  >>