للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء قد خالفوا عمر وعليًّا وابن عباس - رضي الله عنهم - فيما ذهبوا إليه من القنوت في حال المحاربة، مع اتفاقهم كلهم على زوال حكمه في حال عدم المحاربة، فإذا كان اختلافهم في حال المحاربة؛ وجب كشف ذلك من طريق النظر والقياس، وهو ظاهر.

قوله: "قنتوا فيه من الصلوات لذلك" أي لأجل الحرب.

قوله: "الصبح" بالنصب؛ لأنه خبر كان في قوله: "فكان ما قد روينا".

قوله: "والمغرب" عطف عليه قوله: "فإن ذلك يحتمل أيضًا ... إلى آخره"؛ لأن لفظ العشاء مشترك بين صلاة المغرب التي تسمى العشاء الأولى، وصلاة العشاء التي تسمى العشاء الآخرة، فإذا كان مشتركا بين المعنيين يحتمل أن يراد به أحد المعنيين عند الإطلاق.

قوله: "ولم نعلم عن أحد منهم أنه قنت في ظهر ولا عصر" فيه نظر؛ لأنا قد ذكرنا أن ابن حزم قد أخرج عن علي: "أنه كان يقنت في الصلوات كلهن، وكان معاوية يقنت أيضًا كذلك يدعو كل واحد منهما على صاحبه".

وروى السراج في "مسنده": ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا عبد الصمد، ثنا ثابت، ثنا هلال، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "قنت النبي - عليه السلام - شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة، يدعو على رعل وذكوان وعصية، ويؤمِّن من خلفه".

وقال ابن حزم في "المحلى" (١): ثنا حُمام بن أحمد، ثنا عباس بن أصبغ، نا محمَّد ابن عبد الملك بن أيمن، نا أبو عبد الله الكابُلي، نا إبراهيم بن موسى الرازي، ثنا محمَّد بن أنس، عن أبي الجهم، عن البراء بن عازب: "أن النبي - عليه السلام - كان لا يصلي صلاة إلا قنت فيها".


(١) "المحلى" (٤/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>