للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وابن المسيب، وإبراهيم، وقتادة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف ومحمدًا، وابن جرير الطبري؛ فإنهم ذهبوا إلى أن التسليم ليس بفرض، حتى لو تركه لا تبطل صلاته، ولكن افترق هؤلاء أيضًا على قولين:

فمنهم من قال: إذا قعد مقدار التشهد، فقد تمت صلاته، وإن لم يسلم حتى إذا أحدث في ذلك الوقت لا يضر صلاته، وليس عليه شيء، وهو مذهب أبي حنيفة.

ومنهم من قال: إذا رفع رأسه من آخر سجدة في الصلاة فقد تمت صلاته وإن لم يتشهد ولم يسلم، وهو مذهب عطاء وإبراهيم، وإليه ذهب مالك أيضا, ولكن التسليم عنده فرض كما بينا، فحاصل مذهب مالك: أنه يرى بفرضية التسليم في آخر الصلاة، ولا يرى بفرضية الجلوس في آخر الصلاة.

ص: وكان من الحجة للفريقين جميعًا على أهل المقالة الأول: أن ما روي عن النبي - عليه السلام - من قوله: "تحليلها التسليم" إنما روي عن علي - رضي الله عنه -، فقد روي عن علي - رضي الله عنه - من رأيه في مثل ذلك ما يدل على أن معنى قول رسول الله - عليه السلام - ذلك كان عنده على غير ما حمله عليه أهل المقالة الأولى.

فذكروا ما حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، عن أبي عوانة، عن الحكم، عن عاصم بن ضمرة، عن علي - رضي الله عنه - قال: "إذا رفع رأسه من آخر سجدة فقد تمت صلاته".

قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا علي - رضي الله عنه - قد روى عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "وتحليلها التسليم" ولم يكن ذلك عنده على أن الصلاة لا تتم إلا بالتسليم إذ كانت تتم عنده بما هو قبل التسليم، وكان معنى "وتحليلها التسليم" عنده إنما هو التحليل الذي ينبغي أن يحل به لا بغيره، والتمام الذي لا يجب -بما يحدث بعده إعادة الصلاة- غيره.

ش: أي كان من الدليل والبرهان لأهل المقالتين على أهل المقالة الأولى، ملخص هذا: أن استدلال أهل المقالة الأول بالحديث المذكور على ما ذهبوا

<<  <  ج: ص:  >  >>